الملاك بعد سقوط الخطاب ، اما على أساس عدم التبعية بين الدلالتين المطابقية والالتزامية في الحجية ، أو على أساس إطلاق المادة. وكلا المبنيين غير صحيح في نفسه ولم يعلم موافقة الأصحاب عليه.
ثم ان الصحيح فقهيا في هذا الفرع على ما تقدم في أبحاث سابقة صحة الوضوء الضرري إذا لم يبلغ حد الحرمة بالأمر الاستحبابي المتعلق به والّذي لا يكون منفيا بمثل دليل لا ضرر.
التوضيح الثاني ـ انهم اعترفوا بصحة الوضوء الضرري في صورة جهل المكلف بالضرر ، وهذا ينسجم مع كون مدرك البطلان في صورة العلم مسألة اجتماع الأمر والنهي وتغليب جانب النهي ، والّذي ذكر الأصحاب ان العبادة صحيحة فيها مع الجهل بالحرمة لا قاعدة لا ضرر التي تنفي الوجوب الواقعي على كل حال.
وفيه : ان الصحيح هو الصحة في صورة الجهل بالضرر حتى إذا كان المستند قاعدة لا ضرر ، لأنه لا موجب لرفع وجوب الوضوء الضرري على الجاهل بالضرر الّذي سوف يقدم على الوضوء على كل حال لكونه جاهلا بضرريته إذ لا فائدة في رفعه إلاّ إبطال عمله ولزوم إتيانه بالتيمم بعد ان يتوضأ لا ان ينتفي بذلك الضرر عليه خارجا ، وظاهر الحديث نفي الحكم الّذي يساوق بحسب النتيجة ارتفاع الضرر عن المكلف خارجا فيكون تسهيلا عليه ومنة ولا يمكن في المقام إلفات الجاهل بالضرر بعدم وجوب الوضوء عليه إلاّ بنسخ وجوب الوضوء عليه رأسا في الشريعة وهو ما لا يمكن استفادته من القاعدة كما هو واضح.
وعليه فلعل الأصحاب بارتكازهم العرفي فهموا هذه النكتة فلم يستفيدوا إطلاق النفي لحال الجهل بالضرر.
التوضيح الثالث ـ ان المكلف إذا علم بالضرر وجهل بوجوب الوضوء عليه يلزم القول بصحة وضوئه إذا توضأ رجاء بناء على ان مدرك نفي الوجوب هو القاعدة ، إذ نفي وجوب غير منجز لا امتنان فيه ولا تشمله القاعدة لعدم نشوء الضرر من حكم غير متنجز على المكلف مع ان الأصحاب حكموا بالبطلان في ذلك ممّا يدلّ على ان مدركهم فيه حرمة الضرر وتغليبها على الأمر الّذي لا يفترق فيه حال العلم بالوجوب أو الجهل به.
وفيه : أولا ـ ما ذكرناه من إمكان استنادهم إلى القاعدة وحرمة الضرر معا ،