وأورد عليه السيد الأستاذ بان الأدلة الأولية بعضها بالإطلاق وبعضها بالعموم ، والعام مقدم على الإطلاق فينحصر التعارض بين الإطلاقات الأولية وإطلاق القاعدة فتتساقط.
وهذا الاعتراض يبطل الشق الثالث ولكنه لا يبطل أصل التقريب من ان هذا إسقاط لأصل الدليل بالإطلاق والعموم وهو لا يمكن وإن شئت قلت : ان لا ضرر بنصوصيته على نفي الضرر في الجملة يقدم على كل تلك الإطلاقات والعمومات الأولية فيقدم على المجموع ويقع التعارض فيما بينها أنفسها ، وحينئذ امّا ان يقدم العام على المطلق أو يحكم بالتساقط لأن تقديم العام على المطلق انما يكون فيما إذا وقع بينهما التكاذب ابتداء لا بملاك العلم الإجمالي.
ولا يقال : بان الإطلاقات الأولية تتعارض مع العمومات من ناحية ومع إطلاق دليل القاعدة من ناحية أخرى فتسقط الجميع في عرض واحد ولا وجه لملاحظة المعارضة الأولى والحكم بسقوط طرفيها والرجوع إلى إطلاق القاعدة بلا معارض.
فانه يقال : قد مضى في بعض البحوث السابقة إذا كان هناك معارضتان ولم يمكن تقديم أحد المتعارضين بعينه في إحدى المعارضتين للزوم محذور الترجيح بلا مرجح بخلاف المعارضة الأخرى فانه لا يلزم من تقديم طرفها محذور آخر قدم ذلك الطرف ، وفي المقام تقديم الإطلاقات على إطلاق القاعدة مبتلى بمحذور آخر وهو محذور ترجيحها على العمومات المتعارضة معها بالعرض.
التقريب الرابع ـ إيقاع التعارض بين إطلاق القاعدة وإطلاقات الأدلة الأولية الإلزامية والرجوع بعد ذلك إلى البراءة المطابقة لمفاد القاعدة بحسب النتيجة.
وأورد عليه السيد الأستاذ بان هذا المقدار لا يكفي لترتيب سائر الآثار المترتبة على جريان القاعدة في موارد الأحكام الإلزامية ، فمثلا حينما ننفي وجوب الوضوء الضرري بالقاعدة يثبت وجوب التيمم بينما لا يمكن إثبات ذلك بالرجوع إلى البراءة فانها لا تنفي وجوب الوضوء واقعا ليثبت التيمم بل يتشكل علم إجمالي فيجب الاحتياط بالوضوء الضرري.
وهذا الاعتراض قابل للجواب ، فان إطلاق القاعدة لإيجاب الوضوء الضرري وإن سقط بالمعارضة إلاّ ان إطلاقها لإيجاب الاحتياط في وجوب الوضوء الضرري