إلى العباءة الصيفية (١) وكون ماء البئر بعيدا عن مجال الأوساخ بحيث ينشرح الطبع إليه ولا يمجه ، وهذا نظير ما إذا أحدث إنسان حركات غريبة في بيت شخص بحيث أوهم انه مسكون فنزلت قيمته فانه ضامن لذلك على حد ضمانه لسائر الأوصاف الحقيقية في الشيء. واما إذا كان النقصان في القيمة السوقية التبادلية محضا لا من جهة الاختلاف في القيمة الاستعمالية بل من جهة تكثير العرض للسلعة في السوق فليس ذلك ضررا ولا نقصا ولا تصرفا في مال الغير ليكون مشمولا لدليل الضمان ، وبهذا يثبت الضمان في المقام مطلقا.
هذا آخر ما أردنا إيراده في تنبيهات قاعدة لا ضرر ، وبه ينتهي البحث عن هذه القاعدة وعن مباحث البراءة والتخيير والاشتغال من الأصول العملية ...
والحمد لله أولا وآخرا ...
__________________
(١) يوجد فرق بين هذا المثال وسائر الأمثلة فان نقصان الرغبة النوعية في العباءة لم ينشأ من خصوصية في العباءة أوجدها المكلف فيها ليضمن وانما نشأ من تقليل الرغبة النوعية لدى السوق وهذه صبغة في السوق تحصل حتى بتكثير العرض ، فانه انما يؤثر في تقليل القيمة التبادلية من جهة ما تستلزمه من نقصان المنفعة الحدية وإمكان إشباع الحاجات والطلبات السوقية بشكل أكبر وهو ليس تصرفا في المال بل في حيثية أخرى أجنبية عن المال فلا ضمان فيه.
نعم هذه النكتة نستطيع ان نستفيد منها في مسألة أخرى مهمة وخطيرة في عالمنا المعاصر وهي مسألة الأوراق النقدية التي يتعامل معها الفقهاء معاملة المثليات ، فمن كان قد غصب من شخص دينارا ورقيا قبل خمسين عاما يقال في حقه انه يضمن له اليوم دينارا مثله والّذي قد لا يساوي عشر قيمته ، فانه هنا بناء على هذه النكتة الدقيقة يمكن ان يقال بان هذه الأوراق النقدية من جملة خصائصها وأوصافها المعتبرة فيها عقلائيا ماليتها وقيمتها لأنها أعدت لتكون أوراقا مالية لا عينية ، فإذا لزم من تأجيل دفعها سقوط جزء من ماليتها كان ضامنا له لأن هذه القيمة التبادلية استعمالية بحسب الحقيقة في هذه الأوراق فتكون مضمونة بضمانها على تفصيل لا يسعه المقام.