أمّا الموردان الأوّل والثاني فلا فائدة معهما للمنجزيّة الشرعية ؛ وذلك للقطع بالترخيص في الأول والقطع بعدم الترخيص في الثاني ، ومن الواضح أنّ القطع معذّر ومنجّز بقطع النظر عن الشارع وذلك لتمامية كشفه عن التكليف أو عدمه فمعذّريّته ومنجّزيّته ليست بحاجة إلى تتميم من الشارع ، فإثبات الحجية الشرعية للقطع تحصيل للحاصل وهذا معنى قولنا إنّه لا فائدة في الموردين للمنجزيّة الشرعية.
وأمّا المورد الثالث فإنّ الاحتياط العقلي فيه ساقط ؛ وذلك لأنّ قيام الدليل القطعي على حجية الدليل الظني المحرز « الأمارة » وعلى حجية الأصل العملي الشرعي النافيين للتكليف في حالات الظن والاحتمال يعني أنّ الشارع قد تنازل عن حقّه في الاحتياط العقلي وأسقط منجزيّة الظن والاحتمال ، وهذا ممكن لا محذور فيه إذ منجزية الظن والاحتمال معلّقة على عدم الترخيص الظاهري كما قلنا.
وأمّا المورد الرابع فللمنجّزيّة فائدة وهي تأكيد مفاد الدليل الظني والأصل العملي الشرعي ـ اللذين قام الدليل القطعي على حجيتهما ـ للاحتياط العقلي ، ومنشأ التأكيد اتحادهما موضوعا وحكما إذ أنّ موضوع الدليل الظني والأصل العملي وكذلك الاحتياط العقلي هو الظن والاحتمال بالتكليف الإلزامي ـ كما شرحنا ذلك في ما سبق ـ والحكم فيهما « الأمارة والأصل والاحتياط العقلي » هو الحرمة إذ أنّ ذلك هو مفاد الدليل الظني والأصل العملي كما هو المفترض في المورد الرابع وهو أيضا مقتضى أصالة الاحتياط العقلي إذ أنها جميعا تقتضي تنجيز التكاليف المظنونة والمحتملة وهو معنى ثان للحرمة ، وبهذا يتّضح أنّ أحدهما مؤكّد للآخر.