للمسؤولية عن التكليف.
كل ذلك ذكرناه مفصّلا في بحوث سابقة وأشرنا إليه هنا لدخالته في فهم المطلب.
ومع اتّضاح هذه المقدّمة نقول : إن كل هذه الأدلة التي استعرضناها تشترك في الكشف أو في إثبات الأحكام لموضوعاتها دون أن يكون لها دخالة في موضوعات هذه الأحكام ، فدور هذه الأدلّة دور الواسطة في إثبات الأحكام لموضوعاتها ، ودورها بعبارة أخرى دور الدليليّة على ثبوت الأحكام لموضوعاتها.
وهذا هو معنى طريقيّة هذه الأدلة للأحكام الشرعية غاية ما في الأمر أنّها قد تكون طريقا للكشف عن الواقع إمّا بكشف تام أو بكشف ناقص ، وهذه هي الأدلة المحرزة ، وقد تكون طريقا للتعرّف على الوظائف الشرعيّة المقرّرة في ظرف الشك ، وهذه هي الأصول العمليّة.
ومن هنا نصل إلى ما هو الغرض من عقد هذا المطلب وهو البحث عن دور آخر للأدلة ، وهذا الدور هو قيام الأدلة مقام القطع الموضوعي.
ولتوضيح هذا الدور للأدلّة نقول : إنّه إذا ثبت عن الشارع أنه جعل القطع موضوعا لحكم من الأحكام الشرعيّة فهل أنّ هذه الأدلة تصلح لتحقيق موضوع هذه الأحكام التي جعل القطع موضوعا لها أو لا؟
ونذكر لذلك مثالا ونطبّق عليه جميع أقسام الأدلة ، لو قال المولى : « المرأة المقطوع بكونها في العدة يحرم عليك الزواج منها » ، فالحكم في هذه المسألة الشرعية ( وهو الحرمة ) قد ترتّب على موضوع مكوّن من جزئين ، الأول : « المرأة » والثاني : « المقطوع بكونها في العدّة » ، فالقطع بكون