المؤثر في ما هو المبنى في المقام.
وهنا يوجد اتجاهان :
الاتجاه الأوّل : المراد من القطع المأخوذ في موضوع حكم من الأحكام هو الحجة وليس القطع إلا واحدا مما له الحجة ، وليس هو المقصود بالذات بل هو كل ما يصلح للتنجيز والتعذير ، فكما أن القطع صالح للتنجيز والتعذير كذلك الأمارة ، فتكون الأمارة محقّقة أيضا لموضوع حكم أخذ فيه القطع إذ المراد من القطع هو ما له الحجية ، والأمارة مما لها الحجية ، وما القطع الذي ذكر في موضوع الحكم إلا مثالا لما له الحجيّة.
وبناء على هذا المبنى تكون الأمارات صالحة للقيام مقام القطع الموضوعي ، ففي مثالنا ـ وهو أن المرأة المقطوع بكونها في العدّة يحرم الزواج منها ـ يمكن للأمارة أن تحقّق موضوع هذا الحكم وأن تثبت أنّ هذه المرأة في العدّة ، وذلك لما قلنا من أن القطع المأخوذ في هذا الحكم ما هو إلاّ مثال للحجية ، والحجية هي موضوع هذا الحكم واقعا ، فكأنما المولى قال : المرأة التي قامت الحجة على أنها في العدّة يحرم الزواج منها.
الاتجاه الثاني : أن المراد من القطع المأخوذ في موضوع حكم من الأحكام هو الكاشف التام عن متعلّقه.
وبعبارة أخرى : إن القطع الذي جعل موضوعا للحكم هو القطع الحقيقي والذي لا يكون معه شك ، وبناء على هذا الفهم من معنى القطع المأخوذ في الموضوع لا تكون الأمارات صالحة لتنقيح الموضوعات المأخوذ فيها القطع وذلك لأنها لا تبلغ مرتبة العلم الذي لا يكون معه شك ، فهي لا تخرج عن حيّز الظن ، ففي مثالنا لا تكون البيّنة صالحة