يعني طلب ترك شرب الخمر ، وبتعبير آخر : هذه الجملة تساوق أن نقول : ( اترك شرب الخمر ).
وباتّضاح هذا يتّضح أنّ متعلّق النهي من سنخ الأمور العدميّة إذ أنّ الامتثال بناء على هذا المعنى يتحقّق بمجرّد عدم ارتكاب الفعل المنهي عنه حتى لو كان عدم الارتكاب ناشئا عن مناشئ قهريّة كما لو قصد شرب الخمر وشرب سائلا باعتقاد أنّه خمر ثم اتّفق عدم خمريّة ذلك السائل فإنّه ـ بناء على هذا القول ـ لا يكون المكلّف عاصيا للنهي المولوي بل هو ممتثل للنهي إذ أنّه ليس أكثر من عدم إيقاع المكلّف المنهي عنه ، ومن الواضح أنه لم يتّفق وقوع الفعل المنهي عنه من المكلّف وإن كان عدم الوقوع نشأ عن أمر قهري.
الاتجاه الثاني : هو أنّ معنى النهي طلب الكفّ عن الفعل المنهي عنه ، والكفّ هو حالة من إعمال النفس وتوطينها وحملها على فعل شيء أو تركه ، وبهذا يكون النهي من سنخ الأمور الوجوديّة ؛ إذ أنّ امتثاله لا يتمّ إلاّ عبر هذه الحالة من التوطين النفساني على الترك ، فإنّ المكلّف إذا أراد أن يمتثل فإنّه لا يكتفي بعدم شرب الخمر ، بل لا بدّ أن يكون عدم الشرب ناشئا عن إعمال النفس.
ومع اتّضاح هذين الاتجاهين في معنى النهي يقع الكلام في الدليل على كل واحد منهما ، وقد استدلّ كلّ واحد من أصحاب هذين الاتجاهين بما يسقط الاتّجاه الآخر ، حيث استدل أصحاب الاتجاه الثاني على فساد الاتجاه الأول بما حاصله :
إنّ الترك لمّا كان من سنخ الأمور العدميّة فهو ثابت من الأزل