فيستحيل أن يتعلّق به الطلب ؛ إذ أنّ تعلّق الطلب به يكون من تحصيل الحاصل ، أو قل إعدام المعدوم ، فمثلا « لا تشرب الخمر » لو كان المراد منه لزوم إعدام شرب الخمر فإنّ ذلك يعني إعدام ما هو عدم من الأزل وهو مستحيل لعدم القدرة على إعدام ما هو عدم.
ولمزيد من التوضيح نقول : لو أنّ إنسانا لم يشرب الخمر منذ أن ولد إلى أن بلغ وخوطب بالنهي عن شرب الخمر فإنّه لو كان النهي عن شرب الخمر يعني مخاطبة المكلّف بإعدام شرب الخمر فإنّ ذلك ثابت للمكلّف من الأزل إلى أن ولد إلى أن بلغ وخوطب بالنهي عن شرب الخمر ، فتكليفه بإعدام شرب الخمر تكليف بغير المقدور ؛ إذ أنّ التكليف بالمنع عن شرب الخمر ـ بناء على هذا الاتجاه ـ تكليف بإعدام المعدوم إذ كيف يعدم ما هو معدوم والحال أنّه فرع الوجود للشيء الذي يراد إعدامه.
لا يقال : إنّ هذا الإشكال إنّما يتم في فرض المثال وهو عدم شرب المكلّف للخمر من الأزل إلى البلوغ ، أمّا في ظرف شرب المكلّف للخمر قبل البلوغ أو حين البلوغ مثلا لا يكون إعدامه لشرب الخمر من قبيل إعدام المعدوم.
فإنّه يقال : إنّ هذا الكلام لا يتم وعلى فرض تماميّته فإنّه يكفي في التنبيه على فساد هذا المبنى تماميّة الإشكال ولو في مثل ما افترضناه ، إذ أنّه لا يتعقّل وجود معنيين للنهي ، معنى يناسب ما افترضناه في المثال ومعنى آخر هو طلب الترك.
هذا ما استدل به أصحاب الاتجاه الثاني لإثبات مدّعاهم ، وتلاحظون أنهم استدلوا لإثبات دعواهم عن طريق إسقاط الاتجاه الأول