ومع اتّضاح هاتين المسألتين نصل لبيان ما يكشف عنه الفعل من أحكام شرعيّة فنقول :
إنّ الفعل الصادر عن المعصوم عليهالسلام تارة يكون مكتنفا بما يدلّ على أنّ المعصوم في مقام التعليم للمكلّفين ، كقول الإمام عليهالسلام : « ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١) ، ثم أخذ في بيان الوضوء عملا ، أو كما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال قبل الشروع في مناسك الحج : « خذو منّي مناسككم » (٢) وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صلّوا كما رأيتموني أصلّي » ، وكذلك لو قامت القرينة الحاليّة على أنّ المعصوم عليهالسلام في مقام التعليم العملي للمكلّفين فإنّه في حالة من هذا القبيل تكون دلالة فعل المعصوم على الحكم الشرعي تابعة لمقدار دلالة تلك القرينة اللفظية أو الحاليّة ، وهذا خارج عن محل الكلام.
إنّما الكلام عمّا يكشف عنه الفعل المجرّد عن مثل هذه القرائن ، فنقول : إنّه تارة يراد استكشاف الحكم من فعل المعصوم وأخرى يراد استكشافه من ترك الفعل ، وكل من الفعل والترك تارة يصدر عن المعصوم في مورد أو موردين وتارة يكون بنحو المداومة والالتزام ، فيمكن تقسيم الفعل وتركه إلى أربعة أقسام :
القسم الأول : صدور الفعل عن المعصوم في موارد محدودة ، وهنا لا يدلّ ذلك الفعل على أكثر من عدم حرمة ذلك الفعل الصادر عنه عليهالسلام ، فإنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ١٥ من أبواب الوضوء الحديث ٩
(٢) مستدرك الوسائل : ٩ / ٤٢٠ الباب ٥٤