المثال الثاني :
لو شاهد مكلّفا يمسح رأسه في الوضوء نكسا ومع ذلك لم ينبّه الإمام عليهالسلام ذلك المكلّف على منافاة فعله لما هو المعتبر شرعا ، فهذا يقتضي عدم منافاة المسح نكسا لما هو المعتبر شرعا في الوضوء ، وإلاّ كان على الإمام عليهالسلام بمقتضى وجوب تعليم الجاهل أن ينبّه المكلّف على منافاة فعله لما هو المطلوب شرعا ، وإلاّ كان الإمام عليهالسلام مخالفا لفريضة من فرائض الدين ، وهذا لا يناسب العصمة.
التقريب الثاني : إنّ المعصوم لمّا كان مشرّعا ، فإن ذلك يقتضي عقلا عدم السماح بتفويت وتضييع أغراضه ، فسكوته عن الفعل إذا كان موجبا لتفويت أغراضه بما هو شارع يعني أنّ الإمام عليهالسلام ينقض غرضه ويضيّعه بنفسه ، وهذا لا يتناسب مع عقلانيّته ، إذ أنّ الحكيم لا يضيّع غرضه بل يسعى للمحافظة على أغراضه ، وهذا التقريب ـ إذا تم ـ فإنّه منوط بإحراز ناقضيّة الفعل ـ على افتراض منافاته للشارع ـ لغرض الشارع إذ أنّ الفعل قد يكون منافيا لما عليه الشارع إلاّ أنّ ارتكابه لا يؤدي إلى تفويت أغراض الشارع.
ولمزيد من التوضيح نذكر لكل من الحالتين مثالا :
ونذكر أولا مثالا على كون السكوت لا يوجب نقض الغرض في بعض الحالات ، وهذا المثال هو : أنّ المعصوم عليهالسلام قد يشاهد مكلّفا يمتنع عن ارتكاب فعل بتوهّم أنه حرّم شرعا وهو في واقعه مكروه ، فإنّ هذا الامتناع من المكلّف ينافي ما عليه الشارع إلا أنّ السكوت عنه لا يعدّ نقضا للغرض ، فلا يكون السكوت في حالة من هذا القبيل كاشفا عن الإمضاء.