العمل بخبر الثقة ؛ وذلك لأنّ الإمضاء إنّما يقع على مبرّر السيرة وليست السيرة إلاّ أحد صغريات ذلك المبرّر.
الثمرة الثانية : إنّ الإمضاء لو كان واقعا على خصوص السيرة العقلائيّة بقطع النظر عن منشئها ، فإنّ ذلك لا يدلّ على أكثر من جواز العمل بمقتضى السيرة ، إذ أن الإمضاء على هذا المبنى إمضاء لموقف عملي لا لسان له فيتمسّك بالقدر المتيقّن منه وهو عدم حرمة الجري على ما تقتضيه تلك السيرة ، فمثلا لو كانت سيرة العقلاء قاضية بمسؤوليّة الزوج عن النفقة على الزوجة ، فإنّ إمضاء هذه السيرة ـ على هذا المبنى ـ لا تدلّ على أكثر من جواز العمل بمقتضى هذه السيرة ، إذ أنّ ذلك هو القدر المتيقّن من الإمضاء ، إذ أنّ سكوت الشارع عن هذه السيرة لا يكشف عن وجوب العمل بمؤدّاها أو استحبابه كما اتّضح ذلك ممّا تقدّم.
أما لو كنّا نبني على أنّ إمضاء السيرة إمضاء لمنشأ وقوعها ـ وهي الكبرى الكلية التي تولّدت عنها السيرة ـ فإنّ ذلك يقتضي ملاحظة ما تقتضيه تلك الكبرى الممضاة فقد تقتضي حكما تكليفيّا وقد تقتضي حكما وضعيّا ، كما مثّلنا لذلك فيما سبق.
ومع اتّضاح ما ذكرناه فالمبنى الذي يصحّحه المصنّف رحمهالله هو المبنى الثاني ، وهو أنّ الإمضاء يقع على الكبرى الكلّية للسيرة والتي هي منشأ وقوع السيرة خارجا ؛ وذلك لأنّ السيرة العقلائيّة ليست موقفا عفويّا ساذجا ، وإنّما هي حصيلة مبرّرات أوجبت نشوء ارتكاز متأصّل في أذهان العقلاء ، هذا الارتكاز المتأصّل يمكن سريانه لموارد كثيرة ، فلو كان هذا الارتكاز منافيا لما عليه الشارع المقدّس لردع عنه ، إذ أن امتداده لغير