يذهب جمع منهم إلى رأي معيّن ، أو يذهب أحد الأساطين إلى رأي فإنّ ذلك يساهم في تبنّي آخرين من أصحاب النظر لنفس ذلك الرأي ، وذلك لوثوقهم بصوابيّة ما ذهب إليه ذلك الجمع من أهل النظر ، أو انبهارهم بتلك الشخصية العلميّة المتميّزة أو تأثرهم بمبانيه نتيجة تتلمذهم عليه ، حتى قال بعض الأعاظم : إنّ اتفاق ثلاثة وهم الشيخ الأنصاري ، والسيد الكبير الشيرازي ، والميرزا محمد تقي الشيرازي رحمهمالله يورث القطع بواقعيّة ما اتفقوا عليه.
وهذه الحالة لا توجد في الإخبارات الحسيّة ؛ إذ أن المخبر حسّا يحكي ما وقع تحت حواسّه دون أن يكون له أي ملاحظة للمخبر الآخر عن حس.
الرابع : إن احتمال الاشتباه في الإخبارات الحسيّة غالبا ما يكون ناشئا عن احتمال طروء العارض المانع من أن يؤثر المقتضي للإصابة أثره ، وهذا بخلاف الإخبارات الحدسيّة ، فإنّ احتمال الاشتباه يمكن أن يكون منشؤه عروض المانع ، ويمكن أن يكون منشؤه عدم المقتضي.
وبيان ذلك :
إنّ مطابقة الخبر أو النظر للواقع يستوجب وجود المقتضي وانتفاء المانع ، أما مقتضي مطابقة الخبر الحسي للواقع فهو سلامة حواس المخبر المناسبة لمضمون الخبر ، فإذا كان مضمون الخبر من المرئيّات فلا بدّ من افتراض سلامة البصر ، وإذا كان من المسموعات فهذا يستوجب سلامة السمع ، وهكذا.
هذا هو المقتضي لمطابقة الخبر للواقع ، إلاّ أنّ المقتضي لا يكفي وحده