المحتمل أنّ بيت زيد قد احترق من جرّاء ذلك إلاّ أنّه لمّا كان من المحتمل أن يكون سبب الإخبارات هو ذلك المنشأ الخاطئ فإنّ القطع لا يحصل من هذه الإخبارات ، أي أن القيم الاحتمالية الناشئة عن كلّ خبر تكون ضعيفة فيكون نموّ الاحتمال وتصاعده بطيئا ، وهذا بخلاف ما لو كان المتلقي للخبر خالي الذهن أي لا يعلم أنّ لزيد ضيوفا ، فإنّ حصول اليقين من الإخبارات يكون سريعا.
ومع اتضاح هذا نقول : إن الإخبارات الحدسيّة كثيرا ما يكون المنشأ لها ذا مركز واحد ، فإذا ما كان المنشأ المحتمل اعتمادهم عليه خاطئا ، فإنّ احتمال المطابقة الناشئ عن كل خبر يكون ضعيفا ، ومن هنا يكون مسار الاحتمال إلى مرحلة اليقين أو الاطمئنان بطيئا.
وهذا ما نشاهده في النظريّات العلميّة التي تعتمد على مقدمة هذه المقدمة إذا كانت خاطئة فإنّ اتفاق العلماء على نتيجتها لا يصيّر هذه النتيجة قطعيّة ، فلو احتملنا أنّ منشأ تبني العلماء لهذه النتيجة هو تلك المقدّمة الخاطئة فإنّ نمو الاحتمال ووصوله إلى مرتبة القطع أو الاطمئنان بالنتيجة يكون بطيئا.
ويمكن التمثيل لذلك بنظريّة العقول الطوليّة والتي تبنّاها كثير من الفلاسفة ، فإنّ هذه النظرية لمّا كان مركز نشوئها هو قاعدة أنّ الواحد لا يصدر عنه إلا واحد ، فلو كنا نعلم بخطأ هذه المقدّمة في العلل الإراديّة فإنّ اليقين بصحة نظرية العقول الطولية لا يتحقق ، ولو كنا نحتمل أنّ منشأ هذه النظرية هو تلك المقدمة الخاطئة فإنّ مسار احتمال المطابقة إلى مرحلة اليقين يكون بطيئا.