المسائل الابتلائيّة والّتي تتصل بأكثر المكلّفين ، فلو كان الواقع على خلاف ما تبنّاه المجمعون لشاع بين المكلّفين لافتراض كون المسألة ممّا تعم بها البلوى مع افتراض انتفاء ما يوجب خفاء الواقع كأن لم تكن المسألة ـ أيّا كان حكمها ـ منافية لمصالح من له القدرة على إخفاء الحقائق.
وذلك مثل قيام الإجماع على لزوم جعل الجانب الأيسر باتّجاه الكعبة المشرفة في الطواف ، فإنّه لو كان الحكم الواقعي منافيا لما عليه الإجماع لشاع بين المسلمين وذلك لكون المسألة ممّا تعم بها البلوى ومن البعيد جدا أن يجري جميع المسلمين على هذا الحكم دون أن يكون لهم مدرك شرعي على ذلك وليس هناك ما يوجب إخفاء الحكم الواقعي لو كان منافيا لما عليه الإجماع.
العامل الثالث : وهو ما يتّصل بالمبرز الصياغي للإجماع في مقام الاستدلال به على حكم شرعي ، إذ فرق بين إبراز الإجماع بنفي العلم بالخلاف وبين إبرازه بدعوى اتّفاق المسلمين ، فإنّ عدم الإطّلاع على المخالف ليس كإحراز تبنّي الجميع لمعقد الإجماع ، وكذلك إبراز الإجماع باتّفاق العلماء ليس كإبرازه باتّفاق الطائفة فإنّ الثاني يعبّر عن سعة دائرة المجمعين بشكل أوضح من تعبير الأوّل عن ذلك.
العامل الرابع : وهو ما يتّصل بمعقد الإجماع من حيث احتماله للمدركيّة وعدم احتماله لها ، ففي حال احتماله للمدركيّة وكون المدرك على افتراضه معتمد المجمعين غير تام يقتضي انخفاض مستوى احتمال الإصابة ، وهذا بخلاف ما لو لم يكن للإجماع مدرك محتمل فإنّ احتمال كونه تعبّديا ومتلقى من الشارع قريب جدا ، فلذلك قالوا إنّ الإجماع كلما كان منافيا