السيرة قد يكون بعضها ناشئا عن ذلك وقد تكون ناشئة عن مبرّرات أخرى تقتضيها طبيعة الثقافة السائدة في ذلك الزمن أو الظروف البيئيّة والاجتماعيّة أو ما إلى ذلك من المبرّرات الموجبة لانخلاق سيرة مناسبة لمبرّراتها. ومن الواضح أنّ مثل هذه المبرّرات ليس لها ثبات ، وهذا ما يقتضي تبدّل السير المتخلّقة عنها.
على أنّ التحوّل المستبعد في السير العقلائيّة إنّما هو التحوّل العشوائي والذي لا يخضع لضوابط يقتضيها نظام التركيبة الاجتماعية وما يحوطها من ظروف ، وهذا من قبيل التحوّل الفجائي إذ من المستبعد ـ إن لم يكن من المستحيل ـ انقلاب السيرة عمّا هي عليه مع انخفاظ مبرّراتها. أمّا التحوّل الناشئ عن تبدّل الظروف الاجتماعيّة والثقافيّة فهو غير مستبعد إذ من الطبيعي زوال السيرة بزوال مبرّراتها ، وهذا ما يتمّ عادة بنحو التدرّج ، إذ أنّ انسلاخ المجتمعات عن متبنياتها يحتاج إلى وقت. وبهذا يتّضح فشل هذه المحاولة.
المحاولة الثانية :
الاستعانة على إثبات معاصرة السيرة الفعليّة لزمن المعصوم عليهالسلام بما هو مأثور في التاريخ سواء منه التاريخ العام ـ الذي يتكفّل ببيان أحوال المجتمعات الماضية والتي تتّصل بأنظمتهم وثقافتهم ومناهجهم المعتمدة في الحرب والسلم وأحوالهم الشخصيّة ومعاملاتهم اليوميّة والوسائل التي يتوسّلون بها للوصول إلى مراداتهم ـ أو المستفاد من المنقولات الخاصّة والتي تتّصل بالروايات الفقهيّة وما هي المسائل المثارة عند الرواة وكيفية تلقيهم لما يصدر عن الشارع المقدّس والطريقة المعتمدة عندهم في فهم