في السعي إذ أنّ عدم التزام العقلاء لا يكشف ابتداء عن عدم الوجوب وإنّما يفتقر إلى الإمضاء المستكشف من السكوت ، وكذلك المقدّمة الثانية وهي انحصار التعرّف على الحكم الشرعي بالسؤال أو الوقوف على الروايات المتصدّية لبيان الحكم الشرعي المبحوث عنه في حين أنّ معرفة الحكم الشرعي في السير العقلائيّة لا ينحصر بذلك إذ يكفي الرجوع إلى كبرى السيرة العقلائيّة والتي هي النكتة التي برّرت نشوء تلك السيرة ، إذ أنّ السيرة العقلائيّة يمكن أن تكشف عن حكم شرعي غير الجواز بناء على أنّ الإمضاء للسيرة العقلائيّة إنّما يقع على ما هو منشأ وكبرى تلك السيرة.
وبهذا يتضح اختلال المقدّمة الثالثة أيضا ؛ إذ لا حاجة لتكثر الأسئلة والخطابات المبيّنة لحكم المسألة المبحوث عنها مع افتراض كون السيرة عقلائيّة يمكن معرفة حدودها من خلال البحث عن مبرّراتها.
المحاولة الرابعة :
أن يكون بديل السيرة الفعليّة ـ والتي نريد أن نستدلّ على معاصرتها للمعصوم عليهالسلام ـ منافيا لما هو مقتضى الطبع العقلائي العام بحيث لو كان هو المتبانى عليه آنذاك لكان بديلا شاذّا ، وهذا ما يقتضي احتفاظ التاريخ به كما حفظ لنا التاريخ كثيرا من الظواهر الاجتماعيّة الشاذّة ، ولمّا لم ينقل لنا التاريخ ما هو المتبانى عليه في زمن المعصوم في الإطار المبحوث عنه فهذا يكشف عن أنّه لا يختلف عمّا هو عليه الآن إذ أنّ افتراض كون التزام العقلاء آنذاك بما هو شاذّ عن طبع العقلاء يبرّر وصول ذلك إلينا ولو بشكل محدود ، بعد أن كان المفترض أنّه هو البديل الوحيد عمّا هو ملتزم به فعلا.
ويمكن التمثيل لذلك بالسيرة العقلائيّة الفعليّة القاضية بأحقيّة الدائن