في الاستيثاق على أمواله المدينة برهن أو كتابة أو شهود ، وهذه السيرة هي ما يقتضيه الطبع العقلائي العام ؛ إذ أنّ الذي يخاف على أمواله من الضياع هو الدائن أما المدين فلا خوف على أمواله بعد أن كانت أمواله وأموال الدائن تحت يده.
وإذا أردنا أن نستدلّ على امتداد هذه السيرة لزمن المعصوم عليهالسلام فإنّه يقال إنه لو لم تكن هذه السيرة هي الجارية في زمن المعصوم عليهالسلام لكانت السيرة الجارية هي بديلها ، وبديلها الوحيد هو عدم أحقيّة الدائن في الاستيثاق على أمواله ، وهذه السيرة على افتراض وجودها تكون شاذة ؛ إذ أنّها تقتضي أن تكون أموال الدائن في مهبّ الريح وهذا يستوجب انسداد باب المداينة المقطوع بوجوده في زمن المعصوم عليهالسلام ، وشذوذ هذه السيرة يستدعي احتفاظ التاريخ بها ، ونحن بالوجدان لا نجد من ذلك عينا ولا أثرا ، مما يكشف عن عدم وجود هذه الظاهرة الاجتماعيّة الشاذّة فيتعيّن تطابق ما عليه السيرة في زمن المعصوم عليهالسلام مع ما عليه السيرة فعلا.
المحاولة الخامسة :
أن نسبر أغوار السيرة الفعليّة وذلك عن طريق الرجوع إلى ما هو مرتكز في أذهاننا من مرتكزات تمثل هذه المرتكزات كبرى هذه السيرة ، فإذا وجدنا أنّ هذه المرتكزات مناسبة لما هو مقتضى الطبع العقلائي والفطرة السليمة بحيث لا يكون ذلك ناشئا عن رواسب التربية أو الثقافة الاجتماعيّة السائدة والتي لا يكتب لها الثبات والاطراد لتمام المجتمعات العقلائيّة ، ففي حالة من هذا القبيل يحصل الوثوق بكون السيرة الفعليّة هي السيرة الجارية في زمن المعصوم عليهالسلام ، ويمكن أن نحرز ما وصلنا إليه عبر هذا