مثلا نقلها الشيخ ابن إدريس رحمهالله عن كتاب مسائل الرجال المنسوب إلى محمّد بن علي بن عيسى وهذا الرجل لم يذكر له توثيق ، نعم ذكر النجاشي أنّه كان وجها بقم وأميرا عليها من قبل السلطان ، وهذا لا يعبّر عن وثاقة الرجل ، كما أنّ طريق الشيخ ابن إدريس للكتاب مجهول حيث إنّ جميع الكتب التي نقل عنها في آخر كتابه السرائر لم يذكر طرقه إليها ، وبهذا تكون جميعها ساقطة عن الاعتبار لمجهولية الطرق التي اعتمد عليها للوصول إلى هذه الكتب ، فهو وإن كان يذهب إلى عدم حجيّة أخبار الآحاد مما يشعر بأن كل الروايات التي استطرفها في آخر كتابه السرائر كانت متواترة إلاّ أنّه لا سبيل إلى إثبات ذلك بعد احتمال اعتماده في الوثوق بالروايات التي نقلها على قرائن توجب بنظره الوثوق بصدور هذه الروايات ، وهي ليست حجة على غيره ، كما أنّها لو كانت متواترة فهي متواترة بنظره ؛ إذ أنّ تحديد مناط التواتر أمر حدسي تتفاوت فيه أنظار العلماء إن لم يكن كبرويا فصغرويا ، ثم إنّه من البعيد أن يكون الشيخ ابن إدريس وقف على طرق تبلغ حدّ التواتر لكتاب مسائل الرجال ، فإنّ الطرق التي وصلتنا لهذا الكتاب هي طريق النجاشي وهو ضعيف وطريق الشيخ الطوسي رحمهالله وهو ضعيف أيضا ، وكذلك طريق الشيخ الصدوق رحمهالله والذي عرفناه بواسطة الشيخ الطوسي وهو ضعيف أيضا.
وثانيا : إنّها أخبار آحاد ظنية لا تورث العلم ، فما الفرق بينها وبين ما نبحث عن حجيّته ، فهي إذن ليست حجّة في نفي الحجيّة عن خبر الثقة ؛ وذلك لأنّ حجيّتها تقتضي نفي الحجيّة عن نفسها إذ أنّها تنفي الحجيّة عن شيء هي مشمولة له ، ففي الوقت التي تنفي الحجيّة عن الخبر الظنّي لا تعدو