هي عن أن تكون خبرا ظنيّا فلو تمّت حجيّتها في نفي الحجيّة فهي تنفي حجيّة نفسها ، فكلّ شيء يلزم من حجيّته نفي الحجيّة عن نفسه يستحيل الاستدلال به على نفي الحجيّة ؛ إذ أن كلّ شيء يلزم من وجوده عدمه فهو مستحيل.
وأمّا الطائفة الثانية : فهي الروايات الدالّة على حرمة العمل بالخبر الذي لا شاهد عليه من كتاب الله عزّ وجلّ ، أي أنّ كلّ خبر لا يكون مضمونه موافقا لما في الكتاب العزيز بأن كان الكتاب ساكتا عن ذلك المضمون فهذا الخبر لا يجوز التعويل عليه والعمل بمؤدّاه.
ومن هذه الروايات ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث قال : « إذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به وإلاّ فقفوا عنده ثم ردوه إلينا حتى يستبين لكم » (١).
والجواب عن هذه الطائفة هو أنّ دلالتها على نفي الحجيّة ـ عن الخبر الذي لا شاهد عليه من كتاب الله ـ بالإطلاق فهي تنفي الحجيّة عن الخبر الذي يتصل مضمونه بأصول الدين وتنفي بمقتضى إطلاقها الحجيّة عن الخبر الذي يكون مضمونه متصلا بالأحكام. ومن هنا يمكن تقييد إطلاق هذه الروايات بالأدلّة الدالّة على حجية خبر الثقة في الأحكام.
وبهذا اتّضح عدم تمامية الأدلّة التي استدلّ بها على نفي الحجيّة عن خبر الثقة.
__________________
(١) الوسائل باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ١٨