الاستحباب ، ولو كان هذا الاستظهار تاما فما معنى ترتّب الثواب حتى في موارد مخالفة ما بلغ للواقع ، وهذا ما يكشف عن أنّ الثواب ليس ناشئا عن جعل الاستحباب للفعل الذي بلغ عليه ثواب ، ومنه يتّضح عدم تصدّي الإمام عليهالسلام لجعل الحجيّة وإنشاء الاستحباب الظاهري لكل فعل بلغ عليه الثواب ؛ وذلك لأنّ منشأ استظهار هذا الاحتمال فاسد.
وأمّا المعنى الثاني فليس هناك ما يبرّر استظهاره من روايات « من بلغ » فيبقى احتمالا محضا لا شاهد على إرادته ، نعم قد يقال إنّ ترتّب الثواب على فعل كاشف عن مطلوبيته للمولى واقعا وهذا ما يعيّن المعنى الثاني ، إلاّ أنّ هذا القول لا يصغى إليه بعد أن لم تكن مطلوبية الفعل هي المنشأ الوحيد لترتب الثواب ؛ إذ أنّ الثواب قد ينشأ عن الاحتياط الذي يحكم العقل بحسنه ، وبهذا يتعيّن المعنى الثالث ، إلاّ أنّه تبقى مشكلة تواجه استظهار المعنى الثالث من روايات « من بلغ » ، إذ أنّ ظاهرها أنّ الثواب المترتّب على العمل بالفعل الذي بلغ عليه الثواب هو مقدار الثواب المذكور في الرواية وهذا ما لا يتكفّل المعنى الثالث لبيانه إذ أنّه لا يثبت به أكثر من ترتّب الثواب أمّا مقداره فليس له تصد لبيانه.
وعلاج هذه المشكلة يستوجب تعديل المعنى الثالث بالمعنى الرابع بأن يقال إنّ روايات « من بلغ » وإن كان ظاهرها الإرشاد لما يحكم به العقل من حسن الاحتياط إلاّ أنّها متضمّنة لوعد إلهي بترتّب نفس الثواب الموعود به.