إذن الفعل الذي بلغ عليه الثواب مستحب واقعا إلا أنّه ثانوي ، أي أنّه لو خلّي ونفسه ولم يتعنون بعنوان أنه مما بلغ عليه الثواب لما اقتضى عروض الاستحباب عليه ، إلاّ أنّه لمّا بلغ على فعله الثواب أوجب ذلك عروض الاستحباب عليه واقعا.
المعنى الثالث : أن تكون روايات « من بلغ » متصدّية للتنبيه والإرشاد إلى ما يقتضيه العقل من حسن الاحتياط والتحفّظ على مرادات المولى جلّ وعلا ، وإن كلّ من يفعل ما بلغه أنّه مطلوب للمولى ـ رجاء مطلوبيته واقعا ـ يكون مستحقّا لمثوبة المولى جلّ وعلا.
المعنى الرابع : أن تكون روايات « من بلغ » متصدّية للإخبار والكشف عن وعد إلهي لعباده وأنّه يثيب على كلّ فعل بلغهم أنّه مطلوب للمولى ، على أن يكون الغرض من هذا الوعد ـ المنكشف بروايات « من بلغ » ـ متعلّق بنفس الوعد دون أن يكون للأفعال التي بلغ عليها الثواب أي مصلحة تقتضي جعل الاستحباب لها ، نعم قد تكون المصلحة من الوعد هو الترغيب في الاحتياط إلاّ انّ ذلك لا يغيّر من واقع تلك الأفعال التي يقع عليها الثواب بحيث يثبت لها الاستحباب بسبب البلوغ.
والظاهر من هذه المعاني المحتملة هو المعنى الثالث ، وهو أنّ روايات « من بلغ » متصدّية للتنبيه والإرشاد إلى ما يقتضيه العقل من حسن الاحتياط وترتّب الثواب عليه ، وذلك لسقوط المعنى الأول والمعنى الثاني.
أمّا المعنى الأوّل فلأنّه لمّا كان منشأ استظهاره هو أنّ ترتّب الثواب على الفعل الذي بلغ عليه الثواب كاشف عن أنّ الشارع قد جعل له الاستحباب ، إذ لا معنى لترتّب الثواب على فعل إلاّ أنّ الشارع جعل له