محل جزم ويقين للقاطع بها بحيث لا يحتمل ـ ولو بمستوى ضئيل ـ أنّها لم تقع.
وأما معنى الحجية فهي : المنجّزيّة والمعذّريّة.
والمراد من المنجزيّة هو : جعل المسؤولية على عهدة المكلّف تجاه المقطوع به ، بحيث يكون المكلّف ملزما بامتثاله وللمولى أن يعاقبه إذا خالف ، ويحتجّ عليه بقطعه.
وأما المراد من المعذريّة فهي : نفي المسؤولية عن المكلّف لو اتفق مخالفة قطعه للواقع ، فلو قطع بالإباحة واتفق أنّ الواقع هو الحرمة لما صحّ عقابه وإدانته وكان له أن يحتج لنفسه على المولى بكونه قاطعا بالإباحة.
إذا اتضح ما أردنا إجماله من معنى ( القطع ) ومعنى ( حجيّته ) نصل لبيان المبرّر من تصدير المصنّف رحمهالله هذه المباحث بالبحث حول حجية القطع.
فنقول : إن حجيّة القطع هو المرجع الذي تؤول إليه حجية الأدلّة العامة والعناصر المشتركة سواء كانت من قبيل الأدلّة المحرزة أو من قبيل الأصول العملية ، وكذلك هو المرجع في تشخيص موضوعات هذه الأدلّة إذ أنه لا بدّ من أن نحرز ونقطع أن هذا ظاهر مثلا وأن هذا خبر ثقة وأن موضوع البراءة ـ وهو الشك ـ متحقق.
وبدون القطع بحجية هذا الدليل أو ذاك لا يمكن التعويل عليه وجعله واسطة في إثبات الأحكام الشرعية إذ أنّ الدليل لا يكون حجة إلا إذا قام الدليل القطعي على حجيّته ، وكذلك الكلام في تشخيص موضوعات هذه الأدلّة فإنه لا بدّ من القطع بتحقق الموضوع لكي نتمكّن من ترتيب الحكم