منه كما تقدم المقوّم للذات أما اللازم الذاتي فهو غير الذات وليس مقوّما لها ، فلا هو جنس للذات ولا هو فصل لها ، وإنّما هو شيء خارج عنها محمول عليها ، ومثال ذلك الزوجية للأربعة والفردية للثلاثة ، فالزوجية ليست عين الأربعة ولا هي مقوّم لها وإنما هي لازم يستحيل انفكاكه عنها ، وكذلك الحرارة بالنسبة إلى النار ، فالنار غير الحرارة وإنما هي شيء متّصف بالحرارة ، والحرارة بالنسبة لها لازم ذاتي يستحيل أن يتخلّف عنها.
وبهذا يتّضح معنى كون المحركيّة أثرا تكوينيا للقطع ولازما ذاتيا له حيث إنّ طبيعة القطع أنّ له المحركية بحيث يستحيل تخلّفها عنه ، كما نقول إنّ الحرارة أثر تكويني للنار ولازم ذاتي لها ، وذلك في مقابل المحمول المفارق حيث لا يستحيل تخلّفه عن الذات كالحركة بالنسبة للفلك فإنه وإن كانت الحركة تعرض للفلك ولكنه يمكن أن تتخلّف عنه.
هل المحركيّة للقطع بديهيّة؟
والجواب : إنّ إثبات كون المحركيّة للقطع بديهية يحتاج إلى إثبات أنّها لازم ذاتي بيّن سواء بالمعنى الأخص أو بالمعنى الأعم ، إذ أن كلا النوعين للاّزم الذاتي البيّن بديهي ، وذلك في مقابل اللازم الذاتي غير البيّن فإنه نظري.
وبيان ذلك : أن اللازم الذاتي تارة يكون بيّنا وتارة يكون غير بيّن ، والبيّن ينقسم إلى قسمين :
الأوّل : اللازم الذاتي البيّن بالمعنى الأخص ، وهو ما يكفي في الإذعان والجزم به تصوّر الذات المحمول عليها ذلك اللازم ، وبعبارة أخرى : اللازم الذاتي هو ما يكون تصوّر الملزوم كافيا في تصوّر لازمه والتصديق