ودخل في ديننا ، واستقبل قبلتنا ، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده.
فأنتم عباد الله ، والمال مال الله ، يقسم بينكم بالسوية ، لا فضل فيه لأحد على أحد ، وللمتقين عند الله غداً أحسن الجزاء ، وأفضل الثواب ، لم يجعل الله الدنيا للمتقين أجراً ولا ثواباً ، وما عند الله خير للأبرار. وإذا كان غداً ـ إن شاء الله ـ فاغدوا علينا ، فإن عندنا مالاً نقسمه فيكم ، ولا يتخلفنّ أحد منكم ، عربي ولا عجمي ، كان من أهل العطاء أو لم يكن ، إلّا حضر ، إذا كان مسلماً حراً. أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم.
قال ابن أبي الحديد : قال شيخنا أبو جعفر : وكان هذا أول ما أنكروه من كلامه عليهالسلام ، وأورثهم الضغن عليه ، وكرهوا إعطاءه وقسمه بالسوية.
فلما كان من الغد ، غدا وغدا الناس لقبض المال ، فقال لعبيد الله بن أبي رافع كاتبه : ابدأ بالمهاجرين فنادهم ، وأعطِ كل رجل ممن حضر ثلاثة دنانير ، ثم ثنِّ بالأنصار فافعل معهم مثل ذلك ، ومن يحضر من الناس كلهم الأحمر والأسود فاصنع به مثل ذلك.
فقال سهل بن حنيف : ياأمير المؤمنين ، هذا غلامي بالأمس ، وقد أعتقته اليوم. فقال : نعطيه كما نعطيك ، فأعطى كل واحد منهما ثلاثة دنانير ، ولم يفضّل أحداً على أحد ، وتخلّف عن هذا القسم يومئذٍ طلحة ، والزبير ، وعبد الله بن عمر ، وسعيد بن العاص ، ومروان بن الحكم ، ورجال من قريش وغيرها » (١).
______________
(١) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٣٧.