وكان من نتائج هذا الإجراء أن أخذ بعض من بايعه يتسلل من المدينة ليلتحق بمعاوية هرباً من العدل ، وطفق طلحة والزبير وغيرهما يعلنون الاحتجاج ويظهرون الخلاف على سياسة علي عليهالسلام القاضية بتطبيق نظام التسوية ، فقام أبو الهيثم وعمار وأبو أيوب وسهل بن حنيف وجماعة معهم ، فدخلوا على علي عليهالسلام ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، انظر في أمرك ، وعاتب قومك ، هذا الحي من قريش ، فإنهم قد نقضوا عهدك ، وأخلفوا وعدك ، وقد دعونا في السرّ إلى رفضك ، هداك الله لرشدك ! وذاك لأنهم كرهوا الاُسوة ، وفقدوا الأثرة ، ولما آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا واستشاروا عدوّك وعظّموه ، وأظهروا الطلب بدم عثمان فرقة للجماعة وتألفاً لأهل الضلالة. فرأيك !
فخرج علي عليهالسلام
فدخل المسجد ، وصعد المنبر مرتدياً بطاق ، مؤتزراً ببرد قطري ، متقلداً سيفاً ، متوكئاً على قوس ، فقال : أنا
أبو الحسن ـ وكان يقولها إذا غضب ـ ثم قال : ألا إن هذه الدنيا التي أصبحتم تمنونها وترغبون فيها ، وأصبحت تغضبكم وترضيكم ، ليست بداركم ولا منزلكم الذي خُلقتم له ، فلا تغرنّكم فقد حذرتموها ، واستتموا نعم الله عليكم بالصبر لأنفسكم على طاعة الله ، والذلّ لحكمه جلّ ثناؤه ، فأما هذا الفيء فليس لأحد على أحد فيه أثرة ، وقد فرغ الله من قسمته ، فهو مال الله ، وأنتم عباد الله المسلمون ، وهذا كتاب الله به أقررنا ، وله أسلمنا ، وعهد نبينا صلىاللهعليهوآله
بين أظهرنا ، فمن لم يرضَ به فليتولّ كيف شاء ، فإن العامل بطاعة الله والحاكم بحكم الله لا