ويدلُّ عليه الأخبار الواردة في الاستظهار (١) ، حيث دلّت على أن النّفساء تستظهر بيوم أو يومين أو العشرة أي إلى عشرة أيام ، وهذا لا بمعنى الاستظهار عشرة أيام بعد النقاء ، لأنه ممّا لم يقل به أحد ولا هو محتمل في نفسه ، بل المراد عشرة أيام من أوّل رؤية الدم.
والوجه في دلالتها على أن أكثر النّفاس عشرة أيام أن الاستظهار بمعنى طلب ظهور الحال والاحتياط مع الاحتمال ، فتدل الأخبار على أن النّفاس لا يحتمل في الزائد عن العشرة ، وإلاّ لأمرها عليهالسلام بالاستظهار بأكثر من العشرة وكان الأمر به إلى العشرة لغواً ، لاحتمال النّفاس في الزائد عليها ، ومن هنا يستكشف أن أكثر النّفاس عشرة أيام.
وهذه الأخبار وإن كانت واردة في ذات العادة إلاّ أن مقتضى الفهم العرفي أنه من باب تطبيق الكلي على الفرد لا تطبيق الحكم على مورده ، كما يدل على ذلك الشهرة الفتوائية أيضاً على ما استدللنا به في جملة من الموارد ، منها الإقامة حيث إن الأخبار الواردة فيها غير قاصرة الدلالة على الوجوب ، إلاّ أنّا رفعنا اليد عن الوجوب لشهرة استحبابها ، إذ لو كانت الإقامة واجبة كيف أمكن خفاؤها على الأصحاب ، بل لانتشر وذاع ، وكذلك نقول في المقام ، لأن الصلاة مما تبتلى به مرات في اليوم ، فلو كانت محرمة على النّفساء زئداً على عشرة أيام لم يكن ذلك خفياً على أصحاب الأئمة والعلماء ولم يكن انتهاؤها إلى عشرة أيام مشهوراً عندهم.
والشهرة الفتوائية وإن لم تكن حجة في نفسها إلاّ أن كون المسألة عامة البلوى متسالماً عليها يدلنا على أن أكثر النّفاس عشرة أيام ، لذا لو كان أكثره زائداً عليها لم يكن يخفى على الأصحاب ، هذا.
ثم إن القول بأن أكثره عشرة أيام هو الموافق للأصل الجاري في المقام لو لم يقم على خلافه دليل ، وذلك لأن مقتضى العمومات والإطلاقات وجوب الصلاة والصيام
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥ ، ٣٨٣ ٣٨٦ / أبواب النّفاس ب ٣ ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٥ ، ١١.