ومحل الكلام في المقامين إنّما هو الأمة الّتي يجوز وطؤها للمولى كما إذا لم تكن مزوّجة أو معتدة أو مبعضة أو مكاتبة قد أدّت بعض ما عليها من الثمن. وأمّا إذا كانت محرّمة الوطء فهي خارجة عن محل الكلام ، لحرمة وطئها وعدم جواز نكاحها.
أمّا المقام الأوّل ، تغسيل المولى أمته : فقد ادّعي الإجماع على جواز تغسيل المولى أمته وأنّه لا يشترط فيه المماثلة ، وفي كلام بعض آخرين أنّ الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، فالمسألة متسالم عليها بينهم ، ولم ينسب فيها الخلاف صريحاً إلى أحد.
وإنّما الكلام في مدرك هذا الحكم المتسالم عليه ، وأنّ الأمة لماذا قد استثنيت عن كبرى ما دلّ على اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت.
والمدرك في ذاك الحكم إن كان هو الإجماع فلا كلام ، إلاّ أن تحصيل إجماع تعبّدي يوجب القطع أو الاطمئنان بقول الإمام عليهالسلام في المسألة صعب غايته ، وذلك لاحتمال استنادهم في الحكم إلى الوجهين الآتيين ، فلا يكون الإجماع تعبّدياً لا محالة.
وقد يستدل عليه بانصراف ما دلّ على اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت إلى ما إذا لم يجز للغاسل النظر إلى الميِّت ومسّه ، إذ المماثلة إنّما اعتبرت من أجل حرمة نظر غير المماثل إلى الميِّت وحرمة مسّه ، فالموارد الّتي يجوز فيها النظر إلى الميِّت ويجوز مسّه خارجة عن تلك الأدلّة ، لانصرافها إلى الموارد الّتي يحرم فيها المسّ والنظر.
وفيه : أن ما دلّ على اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت مطلق لا يفرق فيه بين الأمة وغيرها ، لأن اعتبار المماثلة حكم تعبّدي وليس من أجل حرمة نظر الغاسل ومسّه لبدن الميِّت ، ومن ثمة لو غسّل الميِّت أجنبي في الظلمة أو كان أعمى من غير أن يمس بدنه لم نكتف به في الجواز ، لاعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت مطلقاً ، فدعوى الانصراف ساقطة.
وقد يستدل عليه بما دلّ على جواز تغسيل الزوج زوجته وعدم اعتبار المماثلة بينهما ، وذلك لأنّ الزوجة بمفهومها اللغوي وإن لم تشمل الأمة ، إلاّ أنّها بحسب ما يفهم منها عرفاً ولو بمناسبة الحكم والموضوع شاملة للأمة أيضاً ، لأن مفهومها