وفي كلتا الصورتين يتأتى فيه ما تقدم (١) من الاشكال بأن المدار فيه على ثبوت الوجوب الشرعي الكاشف عن ملاحظة الشارع للملاك والمحافظة عليه بذلك الايجاب المتعلق بالمقدمة السابقة ، ولا دخل لذلك بقاعدة الامتناع بالاختيار ، وأنه لا مورد لها إلا بعد ثبوت ذلك الوجوب الشرعي المتعلق بالمقدمة السابقة.
بل يمكن أن يتأتى فيه إشكال آخر ، وهو أن الملاك إذا كان ناشئا عن تلك القدرة كيف يعقل أن يكون نفس ذلك الملاك مؤثرا في لزوم المحافظة عليها عقلا؟ بل كيف يمكن أن يكون مؤثرا في لزوم المحافظة عليها شرعا؟ فان ذلك لا يخلو عن شبهة الدور أو نظيره ، فانه من قبيل كون المعلول حافظا لعلته ، أو من قبيل كون الحكم حافظا لموضوع نفسه.
بل يمكن أن يقال : إن القدرة بعد فرض كونها دخيلة في الملاك يكون حالها حال السفر أو الحضر في كونهما بمنزلة موضوع الحكم ، ولا ريب في أنّ المكلف له أن يخرج نفسه من موضوع إلى موضوع آخر خصوصا فيما إذا كان قبل حصول الشرط الآخر الذي هو الزمان فيما نحن فيه.
ولقد حاول الشيخ قدسسره في التقريرات (٢) دفع هذا الاشكال بابداء الفرق بين ما اخذ عنوانا للمكلف مثل الحاضر والمسافر وبين غيره ، ولكنه لم يأت بشيء يدفعه كما اعترف به المقرر فراجع. وبالجملة : لا بد من إقامة الدليل على المنع حتى في مثل السفر لمن تعيّن عليه الصوم في القضاء المضيق ، وإلاّ كان مقتضى القاعدة الجواز ، فلاحظ.
__________________
(١) في صفحة : ١١٢ وما بعدها.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٢٧٣.