ثم لا يخفى أن الذي يظهر من بعض إفاداته قدسسره أن وجوب التعلم شرعي طريقي من باب متمم الجعل ، قال فيما حررته عنه (١) :
وأما وجوب التعلم فليس هو من هذا الوادي أعني الايجاب الغيري ، بل هو من قبيل وجوب الفحص في الشبهات الحكمية وبعض الشبهات الموضوعية ، ووجوب الاحتياط في موارد وجوبه شرعا وسائر الأوامر الطريقية كما في الأمارات والاستصحابات المثبتة للتكليف ، فان جميع تلك الأوامر وإن كانت من قبيل متمم الجعل إلاّ أنها لا تكون إلاّ طريقية ولا يترتب عليها شيء أصلا سوى أنها لو أصابت الواقع كانت إطاعتها إطاعة لذلك الواقع ومخالفتها مخالفة لذلك الواقع ، فيكون الثواب والعقاب على ذلك الواقع ، ولا يكون الأمر الطريقي إلاّ موصلا إلى ذلك الواقع ، ولو أخطأت لم يكن هناك إلاّ الانقياد أو التجري ، من دون فرق في هذه الجهة بين كون الأمر الطريقي هو وجوب التعلم أو وجوب الفحص أو وجوب الاحتياط أو وجوب العمل بالأمارة أو الاستصحاب ، فليست هذه الأوامر مما يدخل تحت قاعدة الامتناع بالاختيار بل هي أوامر طريقية شرّعت لتتميم الغرض من الواجبات الواقعية ، حيث إن تلك الوجوبات الواقعية لمّا لم يمكن تأثيرها في موارد تلك الأوامر الطريقية كان على الشارع المقدس جعل هذه الأوامر الطريقية لتؤثر تلك الوجوبات الواقعية في مواردها ، فتلك الأوامر الطريقية من قبيل متمم الجعل بالنسبة إلى تلك الأحكام الواقعية ، انتهى.
ولا يخفى أنه قدسسره (٢) اختار في باب الفحص قبل البراءة أن العقاب
__________________
(١) في صفحة : ٢٠٠ [ منه قدسسره ويقصد به تحريراته المخطوطة ].
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٥٥٩ وما بعدها.