الجامع هو محصّل الغرض ، ورد عليه أنه فاقد للشرط الثاني ، انتهى.
قلت : لا ريب أن المراد هو الثاني ، بمعنى أن الأمر إنما يرد على ما يكون محصّلا للملاك ، والمفروض أن محصّل الملاك هو القدر الجامع بين العدلين ، فتكون الخصوصية البدلية أجنبية عن مورد الأمر ، ويكون مورد الأمر هو القدر الجامع. وفي مقام الثبوت يكون الوجوب أو الأمر متعلقا بذلك القدر الجامع.
نعم في مقام الاثبات وإعلام المكلفين بهذا الوجوب لمّا لم يكن ذلك الجامع عرفيا توصل الشارع إلى تفهيمهم بالأمر به بالأمر بكل واحد من العدلين على سبيل البدل ، وبهذه الواسطة كان التخيير شرعيا ليصلوا بذلك إلى الواجب الحقيقي ، وإلاّ فلو كان ذلك الجامع ممّا تناله المعرفة العرفية وتعلق الأمر به ابتداء كان التخيير عقليا. وحينئذ يكون روح التخيير الشرعي راجعا بجعل العقل إلى التخيير العقلي. فان كان المراد هو الاكتفاء بهذا الأمر الصوري الذي التجأ الشارع إليه لأجل التوصل إلى إيصال عرف المكلفين إلى ما هو مطلوبه الحقيقي فهو حق لا ريب فيه ، لكن بعد البرهان على أن الخصوصية أجنبية عن ملاك الحكم وأن ما هو المحصّل للملاك هو القدر الجامع ، نضطر إلى القول بأن الجامع هو القدر الجامع بينهما وان كنا عاجزين عن التعبير عنه بعنوانه ، ولأجل ذلك قلنا إنا بعد الاطلاع على حقيقة الواقع حسبما قرره البرهان العقلي يكون النزاع حينئذ أشبه بالنزاعات اللفظية.
والتحقيق : أن هذا النزاع ليس من قبيل النزاعات اللفظية بل إنه نزاع جوهري ، حيث إن صاحب الكفاية قدسسره (١) القائل بالقدر الجامع يقول إن الأمر
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٠ ـ ١٤١.