وارد على نفس ذلك القدر الجامع وان لم نعرفه بنفسه لكفاية معرفته بآثاره. وحينئذ يكون التخيير بين أفراد ذلك القدر الجامع تخييرا عقليا.
وشيخنا قدسسره (١) وإن التزم بذلك القدر الجامع إلاّ أنه حيث كان ذلك القدر الجامع غير معروف لدى العرف ولا نعرفه إلاّ بذلك البرهان الذي لا يعرفه إلاّ الأوحدي من أهل الفلسفة ، لم يتمكن الشارع من ايراد وجوبه على نفس ذلك القدر الجامع ، بل إنه قد اضطر إلى أن يورده على أفراده على البدل ، فلا يكون الواجب في عالم اللوح المحفوظ إلاّ نفس تلك الأفراد على البدل ، فلا يكون التخيير إلاّ شرعيا ، هذا.
ولكن المطلب بعد محتاج إلى تأمل ، فانّ الذي ينبغي للمكلف على مسلك الكفاية عند إتيانه باحدى خصال الكفارة كالعتق مثلا أن يأتي به بداعي الأمر الواقعي المفروض كون متعلقه هو القدر الجامع. ولا يكفي الاتيان به بداعي الأمر المتعلق بالعتق لعدم كونه أمرا شرعيا ، بل هو على مسلك الكفاية في صورة الأمر. وهذا بخلاف مسلك شيخنا قدسسره فانه بناء عليه يكون اللازم في الصورة المفروضة هو قصد الأمر بالعتق لا الأمر المتعلق بالقدر الجامع ، لأن المفروض أن الأمر الشرعي لم يتعلق بذلك القدر الجامع.
اللهم إلاّ أن يقال : إنه لو قصد الأمر الواقعي المتعلق بالعتق بما أنه من خصال الكفارة صح على كلا المسلكين. أما على مسلك الكفاية فلأن الأمر المتعلق بالقدر الجامع متعلق ومنحل إلى الأمر بكل واحد من مصاديقه بمقدار ما في كل واحد منها من طبيعة القدر الجامع ، وأما على مسلك شيخنا قدسسره فلأن الأمر حسب الفرض تعلق بكل واحد من مصاديقه غايته أنه
__________________
(١) تقدم في صفحة : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، وراجع أجود التقريرات ١ : ٢٦٧.