واحد ، إلاّ أنّ ما عرفناه من واجباتنا التخييرية لا يمكن فيه اجتماع الأعدال في آن واحد.
وتوضيح الحال في ذلك هو أن يقال : إنه لا يخفى على المتتبع في الواجبات التخييرية أنه لا يوجد فيها ما هو من قبيل الصورة الاولى ولا ما هو من قبيل الصورة الثانية ، فلو قلنا بتعدد الملاك فيما هو المعروف من واجباتنا التخييرية يكون المتعين هو الصورة الثالثة أو الرابعة ، ولازمها هو عدم وقوع كل من العدلين على صفة الوجوب لو أتى بهما دفعة واحدة. أما في الثالثة فلاجتماع كل منهما مع مسقطه أو مع المسوّغ لتركه. وأما في الرابعة فلاجتماع كل منهما مع ما يوجب عدم تعلق الوجوب به ، بعد فرض سقوط القول بأن الواجب في الصورتين هو أحدهما المصداقي على نحو نكرة صاحب الفصول (١) من جهة أن اجتماع الملاكين قاض بوجوب كل منهما ، إما مع سقوطه بفعل الآخر ، وإما مع كون عدم أحدهما شرطا في وجوب الآخر. ولا وجه مع اجتماع الملاكين لكون الواجب هو أحدهما المصداقي.
اللهم إلاّ أن يقال : إن الشارع بعد اطلاعه على حال هذين الملاكين وأنهما لا يمكن استيفاؤهما معا لكون استيفاء أحدهما رافعا للآخر أو كون استيفاء أحدهما موجبا لعدم الآخر من رأس ، يمكنه أن يجعل الوجوب على أحد العدلين مصداقا ، فعند الاتيان بهما معا دفعة واحدة يكون الواجب هو أحدهما المصداقي والآخر لغوا ، لا أن كلا منهما يكون لغوا ، لأن لغوية كل منهما إنما تتم لو قلنا بأن الواجب كل منهما مع السقوط بفعل
__________________
(١) راجع الفصول الغروية : ١٦٣ ، ١٠٢.