الآخر ، أو مع عدم الاتيان بالآخر.
ولكن هذا الاشكال إنما يتوجه على القولين المذكورين إذا كان في واجباتنا التخييرية ما يمكن اجتماع الأعدال فيه دفعة واحدة ، وقد عرفت أنها ليست كذلك حسب التتبع. نعم لو فرضنا أن بعضها قابل للاجتماع الدفعي تعين القول فيه بأن الواجب في خصوص ذلك البعض هو أحدهما المصداقي بعد فرض تعدد الملاك. أما لو أنكرنا تعدد الملاك وقلنا بوحدته تعيّن القول بأن الواجب هو القدر الجامع بينهما ، وأن تعلق الطلب به يكون على نحو مطلوبية صرف الوجود من الطبيعة الحاصل بأول وجود من ذلك القدر الجامع ، وعند اجتماع الفردين دفعة واحدة يكون الجميع واجبا بوجوب واحد.
هذا كله لو كان المسقط للملاك في الصورة الثالثة أو الموجب لعدمه في الصورة الرابعة هو مجرد وجود أحد العدلين ، فانه يتوجه فيه الاشكال بأنه عند الاجتماع دفعة يكون كل منهما مقرونا بمسقطه أو مقرونا بما يكشف عن عدم وجوبه. أما لو لم نقل بذلك ، بل قلنا إن المؤثر في السقوط أو في عدم الحدوث هو سبق أحد العدلين ، فلا يكون الاجتماع الدفعي إلاّ من قبيل اجتماع الواجبات المتعددة في آن ، كما سيأتي (١) نظير هذا التوجيه في الواجب الكفائي إن شاء الله تعالى.
والخلاصة هي : أن عمدة همّنا في الواجبات التخييرية أمران ، الأوّل : ما يذكرونه من أنه عند ترك كل منهما يتحقق في حقه وجوب كل منهما ويعاقب على ترك كل منهما ، وعند فعل كل منهما لا يكون الواجب
__________________
(١) في صفحة : ٣٠٠ وما بعدها.