مشروطا بعدم الاتيان بالآخر كما حقق ذلك في مبحث الترتب (١).
ثم لا يخفى أن المفاهيم بأنفسها غير قابلة لتعلق الحكم بها أيا كان الحكم ، وإنما تتعلق بها الأحكام باعتبار واقعها الذي تحكي عنه تلك المفاهيم ، ولأجل ذلك تراهم يقولون إنّ الشخص إذا قال للمشتري « بعتك أحد هذين العبدين » وقصد مفهوم أحدهما كان غلطا ، لأن المفهوم لا يقع عليه البيع. ولو قصد واقع أحدهما لم يكن غلطا ، ولكنه يكون البيع باطلا لجهالة المبيع ، فلو كانت المعاملة لا يعتبر ذلك فيها كما لو صالحه على أحدهما ، أو أوصى بعتق أحدهما بأن نقول إنه لا يعتبر في الوصية في عتق عبده أن يكون العبد معلوما بأن يقول « اعتقوا عني أحد عبيدي » صحّ ذلك واستخرج بالقرعة. هذا كله لو كان المبيع هو واقع أحدهما المحكي بقوله « أحدهما » فربما يعبّر عن ذلك بأن المبيع هو مصداق أحدهما ، فانه لا بأس به إذا كان المقصود هو واقع أحدهما.
أما لو كان المقصود هو هذا المصداق أو هذا فلعله لا يكون إلاّ غلطا صرفا إن كان التردد في المصداق عبارة عن التردد في البيع الذي يوقعه بين كونه بيع هذا أو كونه بيع ذاك.
وإن شئت فقل : إن المعقول هو إيقاع البيع على شيء وهو العبد الواحد المردد بين عبيده ويكون الترديد فيما وقع عليه البيع. ولكن لو كان الترديد في نفس البيع بأن يكون حاصل قوله « بعتك أحد هذين العبدين » : أني إما بعتك هذا العبد أو أني بعتك هذا العبد ، فيكون الترديد في نفس الحكم الذي يوقعه وهل هو بيع هذا العبد أو هو بيع ذلك العبد ، فلا ريب أن ذلك من أغلط الأغلاط.
__________________
(١) راجع المجلّد الثالث من هذا الكتاب : ٣٧١ وما بعدها.