بأن الأحكام من قبيل الامور الاعتبارية ، فيصح قيامها في عالم الاعتبار بأحد الأمرين ، بخلاف الارادة التكوينية والأفعال الخارجية ، فإنّ ذلك وإن صحّ في مثل الوجوب والملكية ونحوها من الأحكام الوضعية التي هي من الامور الاعتبارية ، إلاّ أنه لا يصح في البعث والتحريك ، فلاحظ وتدبر.
ثم إنّ ما ذكروه في بيع أحد العبدين من بطلان البيع لجهالة المبيع لا ينتقض ببيع الصاع من الصبرة ، لأن ذلك ليس من بيع أحد الصياع ، بل هو بيع صاع كلي في الذمة ، نظير ما لو باعه صاعا من حنطة البلاد الفلانية ، غايته أن دائرة ذلك الكلي في الذمة تتسع وتتضيق باعتبار المضاف إليه إلى أن تصل النوبة إلى صاع الحنطة من هذه الصبرة ، فيكون من قبيل الكلي في المعيّن وله آثاره. بخلاف ما لو نزّلناه على أحد الصوع الموجودة في هذه وصحّحناه وأغضينا النظر عن الجهالة بأن كان ذلك بطريق الصلح ، فإنّ له آثاره وهي الاشاعة ، لكنهم نزّلوا قوله « بعتك صاعا من هذه الصبرة » على الأوّل ، بخلاف ما لو افرزت الصوع وباعه واحدا منها أو صالحه عليه فانهم نزّلوه على بيع أحد الصوع ، فتترتب عليه آثاره من البطلان لو كان بطريق البيع.
والذي تلخص : هو أنّ الترديد إن كان في متعلق [ البيع ](١) كأن يقول « بعتك شيئا وهو إما هذا العبد وإما ذلك العبد » كان ذلك معقولا ، وإن كان باطلا من جهة جهالة المبيع بحيث لو أبدلناه لكان صحيحا ، بخلاف ما لو كان الترديد في نفس البيع بأن يقول « إني إما بعتك هذا العبد واما بعتك هذا العبد » كان غلطا وغير معقول. ولعله إليه يرجع ما يذكرونه من أنه لو كان المراد من أحدهما هو المفهوم كان معقولا ، ولو كان المراد هو مصداق
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].