ولا يخفى أن التعليق كما لا تمنعه الجزئية في المعنى الحرفي فكذلك لا تمنعه آلية المعنى الحرفي ، بل إن التعليق لا يكون إلا في عالم النسبة سواء كانت خبرية أو إنشائية ، ولا يعقل التعليق في نفس المعنى الاسمي.
وعلى هذا الاساس يمكننا القول بأن الحروف روابط الكلم أعني الأسماء ، وأول ربط هو ربط النسبة مثل هيئة خرج زيد في كونها رابطا بين الخروج وزيد على جهة الانتساب وطروّ الأول على الثاني ثم تلحقه بقولك وعمرو ، فكان الواو قد أوجد الربط بين زيد وعمرو ، ولكن (١) هذا الربط هو ربط اشتراك بينهما في الخروج ، ثم تلحقه بقولك من الدار ، فلفظ « من » يربط بين الدار وما تقدم من خروجهما ربط ابتداء ، وهكذا في كل ما يلحق هذه الجملة من أدوات وظروف وكيفيات ، ثم تقول جاء خالد إلى الدار ثم خرج زيد وعمرو من الدار ، فتجد أنك ربطت جملتك الأولى بجملتك الثانية ربط تعقب وترتيب بمهلة ، ولو أسقطت لفظة « ثم » وأبدلتها بلفظة « إن » في طليعة الجملتين فتقول إن جاء خالد إلى الدار خرج زيد وعمرو منها ، فتجد أنك قد ربطت بين الجملتين ربط إناطة وتعليق يكون موجبا لتوقف مفاد الثانية على تحقق مفاد الاولى ، فهل تجد هناك شيئا مطلقا وأنت قد قيّدته وضيّقت دائرته بلفظة « إن » أو أنك قد جعلته مسندا إليه ، لكونك قد قيّدته وتقييد الشيء إسناد إليه.
نعم ، ربما كان الربط الذي تحدثه بعض الحروف والأدوات ربط تقييد ، مثل هيئة التركيب الوصفي في قولك جاءني رجل عالم ، فان الهيئة
__________________
(١) [ في المصدر هنا زيادة « ما » والصحيح حذفه ].