كان كل منهم ممتثلا ، ولم يكن من قبيل الاقتران بالمسقط ولا من قبيل الاقتران بما يوجب عدم حدوث التكليف ، لما عرفت من أن المسقط أو ما يكون عدمه شرطا في حدوث التكليف هو سبق أحدهم إلى الفعل ، لا مجرد الاتيان به ولو مقارنا لفعل الآخرين ، هذا كله في صورة تعدد الملاك.
وأما لو فرضنا الملاك واحدا فالذي ينبغي فيه أيضا هو القول بالوجوب على كل منهم مع السقوط بسبق أحدهم ، غير أنه عند الاتيان به منهم دفعة واحدة يكون من قبيل الامتثال الواحد من الجميع لا امتثالات متعددة ، لأن وحدة الملاك توجب كون المطلوب هو القدر الجامع بين الأفعال وهو صرف الطبيعة ، وقد حصل ذلك أعني صرف الطبيعة في ضمن الأفراد المتعددة دفعة واحدة. وفي الحقيقة يكون المكلف به هو صرف الطبيعة ، ويكون المكلف بذلك هو كل واحد من المكلفين.
ولا يخفى أنه لمّا كان المنظور إليه هو حال مسابقتهم إلى حيازة الماء كان وجوب الوضوء على كل منهم مشروطا بأن يكون هو السابق إلى حيازته ، أو بأن لا يسبقه غيره إلى ذلك. وفي هذه المرحلة تكون الحيازة مقدمة للوضوء ، فيكون وجوبها أيضا من هذه الناحية مشروطا بذلك كنفس ذي المقدمة الذي هو الوضوء ، ولكن مع ذلك تكون الحيازة واجبة على كل واحد منهم ، وهذا الوجوب هو الذي يبعث كل واحد منهم إلى المسابقة إلى الحيازة ، فلا بدّ أن نقول إنه وجوب مستقل من باب حرمة تفويت المقدمة.
وإنما نقول إن هذا الوجوب الاستقلالي للحيازة مشروط بعدم سبق الغير لأنه لو سبقه الغير ارتفع موضوع المسابقة ، فيكون سبق الغير حينئذ