فقد عرفت إمكان تصويره بصور أربعة :
الاولى : ما لو كان كل من الفعلين من أحد المكلفين رافعا لموضوع الفعل من الباقين ، كما في دفن الميت.
والثانية : ما لو وقع التزاحم من جهة القدرة الشرعية ، كما لو لم يكن في البين إلا ماء واحد وقد ابتلي به جماعة من المتيممين.
الثالثة : ما لو كان سبق أحدهم رافعا لملاك الفعل من الآخرين.
الرابعة : ما لو كان سبق أحدهم موجبا لعدم حدوث الملاك في فعل الآخرين.
وفي الصورة الاولى يكون كل واحد منهم مكلفا ولكن يسقط التكليف عنه بفعل أحدهم ، على معنى أن كل واحد مكلف مع الترخيص بالترك عند سبق أحدهم ، فلو تركوه عوقبوا ، ولو فعله البعض سقط عن الباقين. ولا يتصور في ذلك قيام كل واحد إلاّ بالاشتراك في الدفن الواحد ، فلا تتأتى فيه شبهة أن فعل كل واحد مقرون بمسقطه ، لما عرفت من أن المسقط إنما هو السبق.
وأما الصورة الثانية فحكمها كذلك ، غير أن السبق هنا إن قلنا بأنه مسقط لقدرة الباقين كان ذلك موجبا لانتقاض تيمم الجميع. وإن قلنا بأنه كاشف عن عدم حدوث القدرة لهم لم يكن موجبا لانتقاض تيممهم كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى.
ومن ذلك يظهر لك الحال في الصورة الثالثة والرابعة ، فيرجع الوجوب الكفائي فيهما إلى الوجوب العيني ، غير أن سبق أحدهم إلى الفعل يكون موجبا لسقوط التكليف عن الباقين على الصورة الثالثة ، ويكون كاشفا عن عدم حدوث التكليف لهم على الصورة الرابعة. ولو أتوا به دفعة واحدة