السابقة لم يكن مقيدا بالقيام ، يعني أن الأمر الواقعي الأولي الذي كان متعلقا بالصلاة مع القيام قد ارتفعت قيدية القيام من متعلقه ، وتبدل متعلقه من المقيد بالقيام إلى المجرد من ذلك القيد ، والمفروض أنه قد سقط بامتثاله ، فلو أراد الشارع تحصيل تلك المصلحة الباقية ـ أعني الخمسة المذكورة ـ كان عليه تجديد الأمر متعلقا بالصلاة مع القيام.
لكن سيأتي (١) أنه لا يمكن توجه الأمر بالفاقد في حال تعذره مع فرض تمكنه منه في باقي الوقت ، إلاّ إذا لم يكن لذلك القيد مدخلية في المصلحة أصلا ، وكان غاية ملاك قيديته هو توقف مصلحة الصلاة على وجوده ، وكان ذلك التوقف مختصا بحال التمكن منه ، دون حال عدم التمكن ، ولو كان عالما بأنه يتمكن منه في باقي الوقت.
ثم إنك قد عرفت أن لازم الصورة الثانية هو كون القدرة على ذلك القيد شرطا عقليا في التكليف بالمأمور به المقيد بذلك القيد ، المفروض كونه قيدا حتى في حال تعذره ، فيكون التكليف بذلك المقيد في حال تعذر قيده المذكور ساقطا خطابا لا ملاكا ، بخلاف الثالثة والرابعة فان لازمهما كون القدرة على ذلك القيد شرطا شرعيا في اعتباره في المأمور به.
ولا يخفى أن لازم كون القدرة شرطا شرعيا في التقييد هو مدخليتها في ملاك ذلك التقييد ، فيكون عدمها موجبا لسقوط التقييد المذكور خطابا وملاكا ، ومقتضى ذلك هو جواز تفويت تلك القدرة ، لأن ذلك من قبيل إخراج المكلف نفسه من موضوع إلى موضوع آخر كالحضر والسفر ، لكن ذلك أعني جواز التفويت إنما يكون فيما إذا لم يكن لذلك القيد في حدّ
__________________
(١) في صفحة : ٣٧١ وما بعدها.