في موارد الدوران بين المحذورين ، ثم الاصول التي لا تعرض لها لأزيد من الوظيفة المقررة للشاك في مقام العمل ، كما في موارد الاحتياط الشرعي كالاحتياط في باب الدماء والفروج والأموال وكما في البراءة الشرعية. وهذه الأوامر الظاهرية بأسرها تارة يكون مجراها هو الشبهة الحكمية ، واخرى يكون مجراها هو الشبهة الموضوعية.
ثم إن التبدل في الأمر الظاهري تارة يكون من جهة الانكشاف القطعي على خلافه ، وأخرى يكون من جهة الانكشاف الظني ، إلاّ أن الانكشاف القطعي في الأوامر الظاهرية الجارية في الشبهة الحكمية قليل جدا ، بل لا أستحضر له فعلا مثالا إلاّ ما قد يقال من الإجماع المحصل إذا فرض تحققه للمجتهد بعد العمل بالأمارة التي كان مقتضاها مخالفا لذلك الاجماع ، بخلاف ما يكون من الأحكام الظاهرية جاريا في الشبهات الموضوعية ، فان الانكشاف القطعي فيها كثير جدا ، كما لو عمل على طبق أصالة الطهارة في اللباس مثلا ثم علم بعد ذلك بأنه نجس ، كما يمكن الانكشاف الظني فيها أيضا ، كما لو عمل بمقتضى اليد من الملكية أو تذكية ما في يد المسلم ثم قامت البينة على الخلاف.
ثم لا يخفى أن معنى انكشاف الخلاف القطعي في الأوامر الظاهرية ليس معناه انكشاف الخطأ في ذلك الأمر الظاهري ، بحيث ينكشف قطعيا أن ذلك الأمر الظاهري كان خطأ ، كما في موارد القطع بالطهارة مثلا ثم يتبدل إلى القطع بالنجاسة ، فان هذا المعنى بعد فرض كونه حكما ظاهريا واردا في مورده لا يعقل ، بل المراد به أنه ينكشف أن الواقع كان على خلاف ذلك الحكم الظاهري ، بمعنى أن ذلك الحكم الظاهري لم يكن مطابقا للواقع بل كان الواقع على خلافه ، أما نفس ذلك الحكم الظاهري فلم يكن