توقفها على التستر منحصر بالتمكن منه ، أما مع عدم التمكن منه فلا تتوقف الثلاثون عليه بل تحصل بالصلاة عاريا ، لكن فاته العشر درجات الخاصة بنفس التستر في الصلاة ، فيمكن أن يؤمر بالتأجيل إلى ارتفاع العذر ليحصل على العشرة المذكورة وعلى الثلاثين ، فكانت العلة في التأجيل هي تلك العشرة ، ولكن بعد فرض أنه بالتأجيل تفوته مصلحة الوقت وهي أكثر من العشرة ، فتقع المزاحمة بين مصلحة التستر وهي عشرة ومصلحة الوقت وهي عشرون مثلا. وهذا التزاحم آمري ، فالشارع يوجب عليه التعجيل لأجل نيل مصلحة الوقت ، وهي أهم عنده من مصلحة التستر في الصلاة.
والظاهر جريان هذه الطريقة حتى لو قلنا بأن التزاحم مأموري ، وأن العقل هو الحاكم من جهة أنه فعلا لا يمكنه تحصيل مصلحة الساتر لعدم تمكنه منه ، لكن يمكنه تحصيل مصلحة الوقت ، فيحكم العقل بلزوم تحصيلها بالصلاة في الوقت عاريا.
وإن شئت فقل : إنه يوجّه إليه فعلا تكليفان لا يمكنه الجمع بينهما وهما « تستّر في صلاتك » و « اجعل صلاتك في الوقت » ، وكل منهما يكون امتثاله موجبا لعدم نيله الثاني إلى آخر الدهر ، ولمّا كان الأوّل منهما غير متمكن منه فعلا ألزمه العقل بالثاني ، ويكون ذلك من قبيل المتزاحمين اللذين يكون أحدهما مقدما زمانا على الآخر في تقديم ما هو المقدم زمانا إن لم يكن المتأخر أقوى ملاكا ، والفرض فيما نحن فيه أن المقدم زمانا وهو الوقت هو الأقوى ملاكا.
وهذا بخلاف مزاحمة كلي الطهور مع الوقت ، حيث إنه أعني كلي الطهور أهم من الوقت ، بل لا مصلحة في الصلاة الفاقدة للطهور وان كانت في الوقت ، ويتعين حينئذ بحكم العقل تأخير الصلاة إلى ما بعد الوقت ،