لنا مثل هذا ، فلا بدّ في الجزم بالحكم ببطلانه من قيام الاجماع على البطلان في هذه الصورة ، وإلاّ لم يحصل لنا الجزم بخروجه عن الاجماع الحاكم بالصحة. ولا ريب أنه لم يقم إجماع على بطلان العقد المذكور ، لما أفاده قدسسره بقوله : وفتوى جماعة بالاجزاء من جهة ذهابهم إلى كون الاجزاء هو مقتضى القاعدة الأولية لا من جهة الاجماع ، انتهى (١).
اللهم إلاّ أن يقال : إن الاجماع على الصحة إنما هو من القائلين بأن القاعدة تقتضي عدم الاجزاء ، وحينئذ يمكن ادعاء الاجماع من هؤلاء على الفساد في المثال المزبور ، ولا يضره الفتوى بالصحة ممن قالوا بأن القاعدة تقتضي الاجزاء ، هذا كله.
مضافا إلى أن أصل الاجماع لم يتحقق كما عرفت من الشيخ قدسسره في التقريرات.
ولا يخفى أن هذه الطريقة ـ أعني دعوى قصور حجية الفتوى اللاحقة عن الأفعال السابقة ـ لو تمت فهي من أحسن ما يمكن فيه إثبات عدم الاعادة ، لا من باب الاجزاء ولا من باب التصويب ، بل من باب أن الحكم الظاهري الذي استند إليه المكلف في عمله السابق لم تقم حجة على خلافه.
ثم لو كان ذلك أعني قصور الحجية مشكوكا ، كان ذلك كافيا في المطلوب ، لعدم نهوض حجة حينئذ على بطلان العمل السابق ، ومعه لا حاجة إلى استصحاب حجية الفتوى السابقة.
ويمكن أن يدعى إجراء هذه الطريقة في تبدل رأي المجتهد في
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٩٩ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].