آخر ، يكون مقتضى الثاني هو بطلان العمل السابق الذي وقع على طبق الأول ، سواء كان ذلك في الشبهات الموضوعية ، أو كان في الشبهات الحكمية ويعبّر عنه بتبدل الرأي والعدول ، أو كان في تبدل التقليد.
كما أنه لا فرق في الأولين بين أن يكون الانتقال من أمارة إلى أمارة اخرى على خلافها ، أو من أصل إلى أصل آخر كما لو بنى على قاعدة الطهارة في هذا الماء ثم بعد العمل علم أنه كان نجسا سابقا وقد شك في تطهيره ، أو كان من قبيل الانتقال من أصل إلى أمارة ، أو كان من قبيل الانتقال من أمارة إلى أصل ، كما لو شهدت البينة ثم بعد العمل شهدت اخرى بضدّها ، أو عدلت الاولى عمّا شهدت به ، فرجع بعد ذلك إلى استصحاب النجاسة ، إلى غير ذلك من موجبات الانتقال من حكم ظاهري إلى آخر ، فان الحكم في جميع ذلك هو عدم الاجزاء ، ولزوم الاعادة فيما لو كان مقتضى الحكم الظاهري الثاني هو فساد العمل السابق الذي وقع على طبق الحكم الظاهري الأول ، من دون فرق في ذلك بين الشبهات الموضوعية أو الشبهات الحكمية.
والظاهر أن الانتقال من تقليد لآخر يكون حكمه كذلك ، وإن كان الأول أوضح خصوصا في الشبهات الحكمية التي هي موارد تبدل رأي المجتهد ، فانه عند تبدل رأيه يرتفع قطعه بالحكم الظاهري الأول ، فهو الآن يرى رأيه السابق غير حجة ، وأن ذلك الحكم الظاهري السابق كان خطأ ، بخلاف فتوى المجتهد الثاني فانها لا تمسّ كرامة حجية فتوى المجتهد الأول في ظرفها ، على تأمل في هذا الفرق ، لأن الحكم الظاهري السابق في تبدل الرأي الذي كان على طبق الرأي السابق أيضا لا تمسّ كرامة حجيته