الاجتهادين أو العسر والحرج والهرج والمرج. ففي الأول لا ينتقض العمل السابق ، وفي الثاني ينهدم الحكم السابق ويتبعه العمل الواقع بملاحظته. وفي الحقيقة أن العدول عن الفتوى هادم لها ، لكن العمل الصادر على طبقها لو كانت له إعادة لا يحكم ببطلانه ولا باعادته ، بخلاف العمل التابع للفتوى ، الذي لا إعادة له فانه يبطل بعده تبعا لموضوعه ، إذ لا يمكن بقاء الزوجية مع كونها محرمة عليه فعلا بمقتضى الفتوى الثانية.
هذا حاصل ما يمكن أن يستفاد من تفصيل صاحب الفصول ، غايته أنه سمى الأول بكون الواقعة مما يتعين في وقوعها شرعا أخذها بمقتضى الفتوى ، وسمى الثاني بكون الواقعة ممّا لا يتعين أخذها بمقتضى الفتوى. وهذه التسمية لا دخل لها بالتفصيل بين الحكم ومتعلقه.
ولا يخفى أنه نقل في تقريرات الشيخ قدسسره (١) كلام صاحب الفصول بطوله واستفاد منه أنه يريد التفصيل بين ما يعتبر فيه التقليد ، وما لا يعتبر بل يكفي في الحكم بصحته مجرد مطابقته للواقع وإن لم يكن عن تقليد.
والظاهر أن باقي كلام الفصول أجنبي عن ذلك ، وإنما عمدة نظره إلى التفصيل بين وقوع العمل الذي قد أفتى المفتي بصحته ، وبين ما إذا لم يكن في البين إلاّ موضوع خارجي كان قد أفتى بحليته ، ثم بعد ذلك أفتى بحرمته ، فانه ينهدم بالفتوى اللاحقة الأساس السابق. وأما الأعمال السابقة مثل الذبح والعقد والملاقاة فليست هي موردا للفتوى السابقة في شيء ، وإنما هي أعمال تعلقت بذلك الموضوع حينما كان حكمه الظاهري بحسب الفتوى السابقة هي الحلية أو الطهارة ، فإذا انهدم الحكم الظاهري السابق لم
__________________
(١) مطارح الأنظار ١ : ١٦٩ ـ ١٧٢.