اسمعوا مني كلامي فإن يك ما أقول حقا فاقبلوا وإن يك باطلا فأنكروا.
ثم قال أنشدكم بالله الذي يعلم صدقكم إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد صلى القبلتين (١) كلتيهما غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم من بايع البيعتين كلتيهما الفتح وبيعة الرضوان غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخوه المزين بالجناحين في الجنة غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد عمه سيد الشهداء غيري؟ قالوا لا (٢).
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد زوجته سيدة نساء العالمين غيري؟ قالوا لا.
قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله وهما سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا لا.
__________________
(١) القبلة الأولى هي : بيت المقدس وكانت قبلة المسلمين حتى بعد الهجرة ب (١٦) أو (١٧) شهرا فلما نزل قوله تعالى : ( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ... الخ ) توجه النبي صلىاللهعليهوآله إلى القبلة الثانية « شطر المسجد الحرام » وهي قبلة إبراهيم (عليهالسلام).
(٢) هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. أمه هالة بنت اهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة. وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبي صلىاللهعليهوآله رضيع رسول الله صلىاللهعليهوآله أرضعتهما ثويبة امرأة أبي لهب. وكان أسن من رسول الله صلىاللهعليهوآله بسنتين.
كنيته أبو عمارة ، وقيل أبو يعلى. أسلم في السنة الثانية من المبعث.
قال محمد بن كعب القرظى : قال أبو جهل في رسول الله فبلغ حمزة فدخل المسجد مغضبا فضرب رأس أبي جهل بالقوس ضربة أوضحته وأسلم حمزة فعز به رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمون.
آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بينه وبين زيد بن حارثة وهاجر الى المدينة وأول لواء عقده رسول الله صلىاللهعليهوآله حين قدم المدينة لحمزة ، وشهد بدرا وأبلى فيها بلاء عظيما مشهورا ، وشهد أحدا وقتل بها ومثل به المشركون وبقرت هند بطن حمزة سلام الله عليه فأخرجت كبده ، فجعلت تلوكها فلما شهده النبي صلىاللهعليهوآله اشتد وجده عليه ، وروي أنه (صلىاللهعليهوآله) وقف عليه وقد مثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه ، فقال : رحمك الله أي عم فلقد كنت وصولا للرحم ، فعولا للخيرات. وروي عن جابر قال : لما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله حمزة قتيلا بكى فلما رأى ما مثل به شهق.
ولما عاد (صلىاللهعليهوآله) إلى المدينة سمع النوح على قتلى الأنصار قال ، لكن حمزة لا بواكي له فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم. ففعلن ذلك. قال الواقدي فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة. وبهذا استدل الشيعة الإمامية على جواز البكاء على الميت لا سيما الشهداء من أهل البيت (عليهمالسلام) بل على استحبابه لأن النبي صلىاللهعليهوآله ندب إليه ، واستدلوا ببكاء النبي صلىاللهعليهوآله على ولده إبراهيم (عليهالسلام) أيضا مضافا إلى ما تواتر من طريق أهل البيت من استحباب البكاء على مصائبهم خصوصا ما جرى على أبي عبد الله الحسين وأصحابه وعياله في واقعة الطف.
وقال (صلىاللهعليهوآله) : كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة. وقال : سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب. وقال : والذي نفسي بيده إنه لمكتوب عند الله سبحانه وتعالى في السماء السابعة : « حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ».
وكان مقتله للنصف من شوال من سنة ثلاث وكان عمره سبعا وخمسين سنة. وصلى النبي على حمزة ثم لم يؤت بقتيل إلا وصلى عليه معه حتى صلى عليه « ٧٢ » صلاة.