وأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام على طلحة والزبير وابن عوف وسعد فقال لئن كان أولئك الخمسة أو الأربعة كذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله ما يحل لكم ولايتهم وإن كانوا صدقوا ما حل لكم أيها الخمسة أو الأربعة أن تدخلوني معكم في الشورى لأن إدخالكم إياي فيها خلاف على رسول الله صلىاللهعليهوآله ورد عليه.
ثم أقبل على الناس فقال أخبروني عن منزلتي فيكم وما تعرفوني به أصادق أنا فيكم أم كاذب؟ قالوا صدوق لا والله ما علمناك كذبت قط في الجاهلية ولا الإسلام قال فو الله الذي أكرمنا أهل البيت بالنبوة وجعل منا محمدا وأكرمنا بعده بأن جعلنا أئمة للمؤمنين لا يبلغ عنه غيرنا ولا تصلح الإمامة والخلافة إلا فينا ولم يجعل لأحد من الناس فيها معنا أهل البيت نصيبا ولا حقا أما رسول الله صلىاللهعليهوآله خاتم النبيين ليس بعده نبي ولا رسول ختم برسول الله الأنبياء إلى يوم القيامة وجعلنا من بعد محمد خلفاء في أرضه وشهداء على خلقه فرض طاعتنا في كتابه وقرننا بنفسه ونبيه في غير آية من القرآن فالله عز وجل جعل محمدا نبيا ـ وجعلنا خلفاء من بعده في كتابه المنزل ثم إن الله عز وجل أمر نبيه أن يبلغ ذلك أمته فبلغهم كما أمره الله فأيكما أحق بمجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله ومكانه وقد سمعتم رسول الله صلىاللهعليهوآله حين بعثني ببراءة فقال لا يبلغ عني إلا رجل مني أنشدتكم [ أنشدكم ] بالله أسمعتم ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ؟ قالوا اللهم نعم نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآله حين بعثك ببراءة.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لا يصلح لصاحبكم أن يبلغ عنه صحيفة (١) أربع أصابع ولن يصلح أن يكون المبلغ عنه غيري فأيهما أحق بمجلسه ومكانه الذي سمي بخاصة أنه من رسول الله صلىاللهعليهوآله أو من حضر مجلسه من الأمة.
فقال طلحة قد سمعنا ذلك من رسول الله صلىاللهعليهوآله ففسر لنا كيف لا يصلح لأحد أن يبلغ عن رسول الله غيرك وقد قال لنا ولسائر الناس ليبلغ الشاهد الغائب فقال بعرفة من حجة الوداع نصر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها غيره فرب حامل فقه لا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم أخلص العمل لله عز وجل السمع والطاعة والمناصحة لولاة الأمر ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم محيطة من ورائهم وقال في غير موطن ليبلغ الشاهد الغائب.
فقال علي عليهالسلام إن الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم غدير خم ويوم عرفة في حجة الوداع في آخر خطبة خطبها حين قال إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وأهل بيتي فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لا يفترقان حتى يردا علي الحوض كهاتين ولا أقول كهاتين فأشار إلى سبابته وإبهامه لأن أحدهما قدام الآخر فتمسكوا بهما لن تضلوا ولا تزالوا ولا تقدموهم ولا تخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم إنما أمر الله العامة جميعا أن يبلغوا من لقوا من العامة إيجاب طاعة الأئمة من آل محمد صلىاللهعليهوآله وإيجاب حقهم ولم يقل ذلك في شيء من الأشياء غير
__________________
(١) يريد الصحيفة التي كتبت بها سورة براءة.