ثواب ربهم لمحجوبون وقوله تعالى ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) يخبر محمدا عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله ولرسوله فقال : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ) وحيث لم يستجيبوا لله ولرسوله : ( أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى فهذا خبر يخبر به النبي صلىاللهعليهوآله عنهم ثم قال : ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) الآية يعني لم تكن آمنت من قبل أن تأتي هذه الآية وهذه الآية هي طلوع الشمس من مغربها وقال في آية أخرى ( فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) يعني أرسل عليهم عذابا وكذلك إتيانه بنيانهم حيث قال : ( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) يعني أرسل عليهم العذاب.
قال علي عليهالسلام وأما قوله عز وجل : ( بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) وقوله ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) وقوله ( إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ) وقوله ( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ) يعني البعث فسماه لقاء كذلك قوله ( مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ ) يعني من كان يؤمن أنه مبعوث فإن وعد الله لآت من الثواب والعقاب فاللقاء هو البعث وكذلك ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ ) يعني أنه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون.
قال علي عليهالسلام وأما قوله عز وجل : ( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ) يعني تيقنوا أنهم يدخلونها وكذلك قوله ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ) وأما قوله عز وجل للمنافقين : ( وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا ) فهو ظن شك وليس ظن يقين ـ والظن ظنان ظن شك وظن يقين فما كان من أمر المعاد من الظن فهو ظن يقين وما كان من أمر الدنيا فهو ظن شك.
قال علي عليهالسلام وأما قوله عز وجل : ( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة يدين الله تبارك وتعالى الخلائق بعضهم من بعض ويجزيهم بأعمالهم ويقتص للمظلوم من الظالم ومعنى قوله ( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ ) فهو قلة الحساب وكثرته والناس يومئذ على طبقات ومنازل فمنهم من ( يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ) ومنهم الذين ( يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ ) لأنهم لم يتلبسوا من أمر الدنيا وإنما الحساب هناك على من تلبس بها هاهنا ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير ويصير إلى عذاب السعير ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلالة فأولئك لا يقيم لهم وزنا ولا يعبأ بهم بأمره ونهيه يوم القيامة وهم ( فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ ) و ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ ).
ومن سؤال هذا الزنديق أن قال أجد الله يقول : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) (١).
ومن موضع آخر يقول ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) (٢) و ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
__________________
(١) السجدة ـ ١١.
(٢) الزمر ـ ٤٢.