طَيِّبِينَ ) (١) وما أشبه ذلك فمرة يجعل الفعل لنفسه ومرة لملك الموت ومرة للملائكة.
وأجده يقول : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ ) (٢) ويقول ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٣) أعلم في الآية الأولى أن الأعمال الصالحة لا تكفر وأعلم في الثانية أن الإيمان والأعمال الصالحات لا تنفع إلا بعد الاهتداء.
وأجده يقول ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ) (٤) فكيف يسأل الحي من الأموات قبل البعث والنشور.
وأجده يقول ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) (٥) فما هذه الأمانة ومن هذا الإنسان وليس من صفته العزيز العليم التلبيس على عباده.
وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله : ( وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ) (٦) وبتكذيبه نوحا لما قال ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) (٧) بقوله ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) (٨) وبوصفه إبراهيم بأنه عبد كوكبا مرة ومرة قمرا ومرة شمسا وبقوله في يوسف : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ ) (٩) وبتهجينه موسى حيث قال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي ) الآية (١٠) وببعثه على داود جبرئيل وميكائيل حيث تسور المحراب وبحبسه يونس في بطن الحوت حيث ذهب مغضبا ـ وأظهر خطأ الأنبياء وزللهم ووارى اسم من اغتر وفتن خلقا وضل وأضل وكنى عن أسمائهم في قوله : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي ) (١١) فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء؟
وأجده يقول : ( وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) (١٢) و ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) (١٣) : ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى ) (١٤) فمرة يجيئهم ومرة يجيئونه.
وأجده يخبر أنه يتلو نبيه شاهد منه وكان الذي تلاه عبد الأصنام برهة من دهره.
وأجده يقول ( ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) (١٥) فما هذا النعيم الذي يسأل العباد عنه؟
وأجده يقول ( بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ ) (١٦) ما هذه البقية؟
__________________
(١) النحل ـ ٣٢.
(٢) الأنبياء ـ ٩٤.
(٣) طه ـ ٨٢.
(٤) الزخرف ـ ٤٥.
(٥) الأحزاب ـ ٧٢.
(٦) طه ـ ١٢١.
(٧) هود ـ ٤٥.
(٨) هود ـ ٤٦.
(٩) يوسف ـ ٢٤.
(١٠) الأعراف ـ ١٤٣.
(١١) الفرقان ـ ٢٧.
(١٢) الفجر ـ ٣٢.
(١٣) الأنعام ـ ١٥٨.
(١٤) الأنعام ـ ٩٤.
(١٥) التكاثر ـ ٨.
(١٦) هود ـ ٨٦.