وأجده يقول : ( يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ ) ( وفَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) (١) ( وكُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) (٢) ( وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ ) (٣) ( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) (٤) ما معنى الجنب والوجه واليمين والشمال فإن الأمر في ذلك ملتبس جدا؟
وأجده يقول ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (٥) ويقول ( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ ) (٦) ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) (٧) ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ) (٨) ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٩) ( وما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ ) (١٠) الآية.
وأجده يقول ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (١١) وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ولا كل النساء أيتام فما معنى ذلك؟
وأجده يقول ( وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (١٢) فكيف يظلم الله؟ ومن هؤلاء الظلمة؟
وأجده يقول ( إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ ) (١٣) فما هذه الواحدة؟
وأجده يقول ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ) (١٤) وقد أرى مخالفي الإسلام معتكفين على باطلهم غير مقلعين عنه وأرى غيرهم من أهل الفساد مختلفين في مذاهبهم يلعن بعضهم بعضا فأي موضع للرحمة العامة لهم المشتملة عليهم؟
وأجده قد بين فضل نبيه على سائر الأنبياء ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء عليه وانتقاص محله وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب أحدا من الأنبياء مثل قوله ( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ ) (١٥) وقوله ( لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) (١٦) ( إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً ) (١٧) وقوله ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) (١٨) وقوله ( وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) (١٩) وقال : ( ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ) ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ) (٢٠) فإذا كانت الأشياء تحصى في الإمام وهو وصي النبي فالنبي أولى أن يكون بعيدا من الصفة التي قال فيها : ( ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) وهذه كلها صفات مختلفة وأحوال
__________________
(١) البقرة ـ ١١٥.
(٢) القصص ٢٨.
(٣) الواقعة ـ ٢٧.
(٤) الواقعة ـ ٤١.
(٥) طه ـ ٥.
(٦) الملك ـ ١٦.
(٧) الزخرف ـ ٨٤.
(٨) الحديد ـ ٤.
(٩) ق ـ ١٦.
(١٠) المجادلة ـ ٧.
(١١) النساء ـ ٣.
(١٢) الأعراف ـ ١٦٠
(١٣) سبأ ـ ٤٦.
(١٤) الأنبياء ـ ١٠٧.
(١٥) الأنعام ـ ٣٥.
(١٦) الإسراء ـ ٧٤.
(١٧) الإسراء ـ ٧٥.
(١٨) الأحزاب ـ ٢٧.
(١٩) الأحقاف ـ ٩.
(٢٠) يس ـ ١٢.