الرجل التميمي قد أغار قومه على بلد وقتلوا من فيه أغرتم على بلد كذا وفعلتم كذا ويقول العربي نحن فعلنا ببني فلان ونحن سبينا آل فلان ونحن خربنا بلد كذا لا يريد أنهم باشروا ذلك ولكن يريد هؤلاء بالعذل وأولئك بالافتخار إن قومهم فعلوا كذا ـ وقول الله عز وجل في هذه الآيات إنما هو توبيخ لأسلافهم وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين لأن ذلك هو اللغة التي نزل بها القرآن والآن هؤلاء الأخلاف أيضا راضون بما فعل أسلافهم مصوبون لهم فجاز أن يقال أنتم فعلتم أي إذ رضيتم قبيح فعلهم.
وعن أبي حمزة الثمالي (١) قال : دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على علي بن الحسين فقال له :
جعلني الله فداك أخبرني عن قول الله عز وجل : ( وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) قال له ما يقول الناس فيها قبلكم قال يقولون إنها مكة.
فقال وهل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكة قال فما هو؟
قال إنما عنى الرجال قال وأين ذلك في كتاب الله؟
فقال أوما تسمع إلى قوله عز وجل : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ ) وقال : ( وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ ) وقال : ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها ) أفيسأل القرية أو الرجال أو العير؟
قال وتلا عليه آيات في هذا المعنى قال جعلت فداك فمن هم؟
قال نحن هم فقال أوما تسمع إلى قوله : ( سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ )؟
قال آمنين من الزيغ.
وروي أن زين العابدين عليهالسلام مر بالحسن البصري وهو يعظ الناس بمنى فوقف عليهالسلام عليه ثم قال أمسك أسألك عن الحال التي أنت عليها مقيم أترضاها لنفسك فيما بينك وبين الله إذا نزل بك غدا؟ قال لا.
__________________
(١) قال الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب ج ٢ ص ١١٨ :
« الثمالي أبو حمزة ثابت بن دينار ، الثقة الجليل ، صاحب الدعاء المعروف في اسحار شهر رمضان ، كان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها وكان عربيا أزديا ، روي عن الفضل بن شاذان قال : سمعت الثقة يقول : سمعت الرضا عليهالسلام يقول : أبو حمزة الثمالي في زمانه ، كسلمان الفارسي في زمانه ، وذلك أنه خدم أربعة منا : علي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وبرهة من عصر موسى بن جعفر ».
وعده الشيخ في أصحاب علي بن الحسين ص ٨٤ من رجاله فقال : « ثابت بن أبي صفية دينار الثمالي الأزدي ، يكنى أبا حمزة الكوفي ، مات سنة خمسين ومائة ، وذكره في أصحاب الباقر عليهالسلام ص ١١٠ وص ١٦٠ في أصحاب الصادق « عليهالسلام » وقال النجاشي ص ٨٩ لقي علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله وأبا الحسن عليهمالسلام وروى عنهم وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث و ( قال ) : وروى عنه العامة ومات سنة خمسين ومائة له كتاب تفسير القرآن.